هل بدأت المكسيك عصراً جديداً؟
في الأول من تموز الجاري أصبح، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، المرشح اليساري، رئيساً جديداً للمكسيك بعد أن حصل على 53% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية.
مع فوز أوبرادور يصل اليسار للمرة الأولى إلى السلطة في المكسيك، وهي نتيجة وصفها العديد بأنه كان يمكن التنبؤ بها، لكنها رغم ذلك جاءت مفاجئة، فكما هو الحال في أمريكا وفي دول أوروبية عدة أثبتت الشعوب بأنها قد ضاقت ذرعاً بالنخب السياسية التقليدية.
تحول كبير في تاريخ المكسيك
الرئيس المكسيكي الجديد، هو سياسي شغل منصب رئيس حكومة مقاطعة اتحادية، وأيضاً رئيس بلدية مكسيكو سيتي، وهو يمثل الآن تحالف «معاً نصنع التاريخ» الذي يضم حزب «مورينا»، وحزب «العمل»، وحزب «اللقاء الاجتماعي». وكان قد دعا خلال حملته الانتخابية إلى تقليل اعتماد بلاده على الولايات المتحدة الأمريكية.
نتيجة الانتخابات هذه جاءت مفاجئة في بلد لم يشهد تغيرات سياسية كبرى في تاريخه الحديث، حيث حكم الحزب «الثوري المؤسساتي» البلاد لمدة 71 عاماً، وبعد أن خسرها في عام 2002 لمصلحة حزب «الفعل الوطني» المتشكل منذ ستة عقود، عاد إلى السلطة في عام 2012.
لذلك فإن نجاح أوبرادور يعتبر كسراً للاحتكار السياسي في البلاد، وهو ما ما عبر عنه بالقول: إن هذه هي المناسبة الأكثر أهمية في التاريخ المكسيكي منذ الثورة التي بدأت في عام 1910.
التغيير العميق والجارة الأمريكية
الرئيس المكسيكي الجديد وعد بإحداث تغيير عميق في البلاد التي تشهد ارتفاعاً في معدلات الجريمة والعنف، طالت حتى الحملة السياسية التي سبقت الانتخابات الأخيرة، إذ قتل فيها أكثر من 120 سياسياً ومرشحاً، ليتم وصفها بأنها الحملة الانتخابية الأكثر دموية في التاريخ.
بالنسبة لواشنطن فإن أوبرادور لا يمكن له أن يكون رئيساً جيداً للمكسيك طالما أنه يدعو إلى تقليل الاعتماد على واشنطن التي تمارس عليها أعلى درجات الاستغلال الاقتصادي والضغط في العديد من المجالات، من بينها: مسألة الهجرة والتهديد بإغلاق الحدود، والانسحاب من اتفاقية «نافتا» وهي اتفاقية التجارة الحرة التي تجمع أمريكا والمكسيك وكندا.
وليس من المستغرب الشائعات التي تروج لها واشنطن بالقول: أن أوبرادور هو عميل روسي، فقد كان وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون قبيل الانتخابات قد دعا المكسيك إلى الحذر واليقظة من تدخل روسيا، ومن ثم قال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، هيربيرت ماكماستر: إنّ أمريكا ترى بداية «تدخل روسي» في الانتخابات المكسيكية. الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هنأ بدوره الرئيس المكسيكي الجديد، معرباً عن أمله في مواصلة التعاون، كذلك فعل ترامب.
ستكون أولوية أوبرادور في حكم المكسيك، هي: محاربة الفساد، وتحسين الأوضاع المعيشية في الولايات الجنوبية الفقيرة، واستعادة الكرامة الوطنية. فهل يستطيع رئيس البلاد التي قُدر لها أن تكون قريبة جداً من أمريكا أن يصل بها إلى الخلاص من الجريمة والفقر والفساد؟ يبدو هذا ممكناً طالما أن أمريكا ليست كما السابق، فهي تتراجع وتنكفئ، وفي انكفائها ردٌّ للشر وخيرٌ للغير.