الحرب الاقتصادية الأمريكية تستعر في أمريكا اللاتينية

يبدو أن تصفية الحسابات أو إعادة ترتيبها أمريكياً واحتكارياً انتقلت اليوم إلى فنزويلا، رابع أكبر مصدّر للنفط في العالم وأحد أهم دول أمريكا اللاتينية، والتي تعد الولايات المتحدة أكبر سوق لتصريف نفطها في الوقت ذاته وذلك في إطار سلسلة تطورات تنبئ باستفحال تناقض المصالح الأمريكية والرأسمالية اليهودية في أمريكا اللاتينية…

ففي فنزويلا تجلى ذلك في مؤشرات عديدة قد يكون أولها غرابة المطالب التي حددها قائد التمرد العسكري الذي شهدته كاراكاس تزامناً مع موجة تظاهرات شعبية تحريضية ضد الرئيس المنتخب دستورياً هوغو شافيز..
فقد حدد زعيم الانقلاب الفاشل المقدم في سلاح الجو الفنزويلي بيدرو سوتو يوم الاحتفال بعيد الاستقلال في التاسع عشر من نيسان المقبل موعداً أخيراً لتحقيق بنود بيانه الذي طالب الرئيس شافيز بتحديد علاقته بمجموعات المعارضة اليسارية المسلحة في كولومبيا وتحديد موقفه إزاء كل من الشيوعية والإرهاب على حد سواء، إلى جانب التوقف عن ارتداء الزي العسكري وإلقاء الخطب السياسية على العامة وعلى الجيش تحديداً، وكل ذلك قبل المطالبة بتقديم استقالته بوصفه «طاغية» بحسب بيان سوتو.

الرئيس الفنزويلي المعروف بسياساته اليسارية المناهضة للولايات المتحدة والساعية لتحقيق تغير ما، في كون دول أمريكا اللاتينية مع كامل ثرواتها حدائق خلفية لواشنطن تعرض لسيل جارف من الانتقادات الأمريكية منذ أن صاعد في نهجه هذا بدءاً من انتقاد نمط توزيع الثروة المنتجة عالمياً وانعكاسات العولمة، وعقد صداقة مع كوبا، وزيارة العراق، وتأييد الحقوق العربية الفلسطينية، وأخيراً انتقاد الحرب الأمريكية ضد أفغانستان صراحة وبنبرة لاذعة كشفت جوانب أخرى لها في آخر اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة..
  وفي أول رد فعل على التطورات الأخيرة في بلاده دعا شافيز أبناء شعبه إلى وضع السلاح جانباً والالتزام بعمل المؤسسات ونبذ النزعات الذاتية من أجل ضمان السلم والاستقرار الداخلي، ورأى شافيز أيضاً أن تنامي الوجود العسكري الأمريكي في كولومبيا أمر بالغ الخطورة بالنسبة إلى كولومبيا وإلى فنزويلا موضحاً أن البرازيل والإكوادور وبنما تشاطره الرأي وأنه لا يجد جديداً في سيل الانتقادات الأمريكية الموجهة ضده..

  والجدير ذكره أن التطورات في فنزويلا تتزامن مع فضحية الفساد والإفلاس في شركة أنرون الأمريكية للطاقة مع كل انعكاسات ذلك على الولايات المتحدة ورئيسها وعائلته، ومع وجود تقارير تتحدث عن احتمال قيام انقلاب عسكري في الأرجنتين ضد الرئيس ادواردو دوهالدي الذي يتعرض هو الآخر لموجة «توبيخات» أمريكية تنسجم مع الأدوار التخريبية اليهودية في الاقتصاد الأرجنتيني، ومع عودة الاضطرابات في البيرو، ومع قيام الكونغرس الأمريكي بدراسة تقديم مساعدة عسكرية جديدة بقيمة 98 مليون دولار إلى كولومبيا مخصصة لتدريب الجيش الكولومبي على الدفاع عن أنابيب النفط ضد هجمات مفترضة للمتمردين، وهو ما يدفع ببعض المحللين إلى القول أن المعركة العالمية المستعرة بشكل كامن على النفط قد تبرز إلى السطح قريباً…     * *

معلومات إضافية

العدد رقم:
169