وريث فيديل كاسترو هو الحزب
دخل المناضل فيديل كاسترو قبل نحو سنة، في غيبته الاستشفائية، إلا أن إطلالاته في الصور والصحف والبيانات بقيت صلة بينه وبين جماهير الشعب الكوبي، الذي ما يزال ينتظر عودة زعيمه إلى مهماته.
في 26 من تموزصرّح كاسترو مازحاً «ليطمئن جيراننا في الشمال، لست باقياً في السلطة لأكمل المئة عام». وفي 31 تموز أطلّ على شاشات التلفزة، وتلا رسالة من الرئيس إلى الشعب تبدأ بهذه الكلمات «أيام وليالي عمل متواصل تقريباً من دون نوم أرهقتني، ما أدى إلى نزف مستمر في المعدة أوجب عليّ الخضوع لعملية جراحية دقيقة تحتم ابتعادي لأسابيع عن السلطة»، وهو ما أرفقه بالإعلان عن تخليه «بشكل مؤقّت» عن رئاسة الدولة والحكومة وقيادة الجيش، وأنهى رسالته قائلاً «لن تنال أبداً الإمبريالية من كوبا. ومعركة الأفكار ستستمر».
وما هو جليّ منذ البداية، أن كاسترو قرر استعمال مرضه كـ«مناورة لاستكشاف كل الأسلحة غير العسكرية التي ستلجأ إليها الولايات المتحدة». في الواقع، يبدو أن فيديل استغل مرضه ليسرّع بعملية توزيع السلطة، والرسالة الأولى، باستثناء كلمتي «بشكل مؤقّت»، تعبّر عن خيارات استراتيجية تأخذ أحياناً نبرة الوصية، والأسماء الستة التي ذكرها فيديل، إضافة إلى راؤول: هي القيادة التي توزعت مهمات فيديل وأجزاء من سلطته.
وفيما استعجلت الولايات المتحدة فتح المعركة السياسية، إذ تحدّث جورج بوش في اليوم التالي عن «المرحلة الانتقالية»، وطالبت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في 4 آب بـ«انتخابات حرّة».
أسوة بفيديل كاسترو، يفهم هوغو تشافيز الرئاسة منبراً لـ«معركة الأفكار» ومهمة الرئيس بأنها شحن الروح الثورية في المواطنين.
أيّاً يكن، أظهرت السنة الماضية أن هوغو تشافيز، هو بالنسبة لفيديل تلميذه المفضّل، أكثر من ذلك، يسرّ إيفو موراليس أن فيديل أوصاه: «لا تفعلوا مثلي، افعلوا مثل تشافيز».
باختصار شديد، وبالرغم من أحادية نظرة الصحافة العالمية التي تحاشت الموضوع، السنة التي مرت هي سنة راؤول بامتياز. وعرف راؤول أن يجتاز ببراعة قصوى هذه الفترة الدقيقة لأنه عرف كيف يمارس القيادة الجماعية: يستشير نحو عشرين من كبار قادة النظام، ومنهم فيديل، في ما يراه القرارات الكبيرة، وهذا ما ساعد في تحييد الصراعات داخل القيادة حتى الآن.
في القاموس الكوبي، كلمة «مرحلة انتقالية» أو «خلافة» ممنوعة، إنها «الاستمرارية» كما يكرر كارلوس لاغي، أحد الرجال الأقوياء في الحزب. ويعبر راؤول عن ذلك: «وريث فيديل هو الحزب، وعلينا كمجموعة أن نفعل ذلك، كل واحد من موقعه».
ازداد دور راؤول مع «المرحلة الخاصة» التي بدأت مع انهيار الاتحاد السوفياتي والمستمرة حتى اليوم. وعن هذا الدور، لن يحيد راؤول لأنه يدري أن الوقت يمرّ، ولأنه يدري أيضاً أكثر من أي كان أن الخطاب، لا يستطيع أن يحل محل التراكم المتواضع الذي يتطلّب تصويباً دائماً وترسيخاً يوميّاً.
وعند هذه النقطة، يستشهد راؤول في السابع والعشرين من تموز بخطاب لفيديل في 1 أيار من عام 2000: «الثورة تعني تملّك معنى اللحظة التاريخية أي تغيير كل ما يجب تغييره».