أزمة بين نيودلهي وواشنطن: هل تتحطم الصفقة النووية الهندية الأمريكية؟
استباقاً لاجتماعها في فيينا في 4 و5 أيلول، أعربت دول في «مجموعة الدول الموردة للمواد النووية» عن اعتراضها على إتمام اتفاقية التعاون النووي بين الهند والولايات المتحدة، لنصها على مزايا خاصة تسمح بتصدير الوقود والتقنيات النووية للهند رغم عدم توقيعها على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ما أثار توترات بين نيودلهي وواشنطن.
ونظر آخر اجتماع للمجموعة في شهر آب، في 50 طلباً بتعديل نصوص الاتفاقية النووية الهندية الأمريكية، قدمها أعضاء هذه المجموعة التي تأسست في 1974 وتضم 45 دولة، وتعنى بمراعاة تطبيق القيود الهادفة لمنع انتشار الأسلحة الذرية، كعدم تصدير وقود نووي وتقنيات نووية للدول التي لم توقع على اتفاقية عدم انتشار هذه الأسلحة.
وترأست النمسا، نيوزيلاندة، ايرلندا، هولندا، النرويج، سويسرا، قائمة الدول المعترضة، ويتراوح عددها بين 15 و20 دولة، في صلب هذه المجموعة التي تتخذ قراراتها بالإجماع. وشددت طلبات تعديل نصوص الاتفاقية الهندية الأمريكية، على ثلاثة كشروط مقابل الترخيص بإعفائها من قيود التجارة النووية السارية.
وتنص هذه الشروط على: استعراض دوري لتنفيذ الهند لالتزامات عدم انتشار الأسلحة الذرية، عدم تصدير اليوارنيوم المخصب وتكنولوجيات إعادة معاملة الوقود للهند، وما هو أهم، وقف التجارة النووية مع الهند في حالة إجرائها تجربة ذرية أخرى.
لكن الهند تصر على أن ترخص المجموعة بإعفائها من قيود التجارة النووية هذه، صراحة ودون قيد أو شرط، فيما تتأهب الولايات المتحدة لإعادة صياغة نصوص اتفاقيتها مع الهند، لتلبية بعض طلبات التعديل المقدمة من دول المجموعة.
فما كان من ذلك إلا أن أدخل الهند والولايات المتحدة في مرحلة من التوتر، تتميز بتبادل الاتهامات واللوم. فيردد المسؤولون الهنود في أحاديثهم الخاصة أن الولايات المتحدة لم تنزل بكل ثقلها لإقناع الدول المعترضة، أو أن واشنطن أطلقت نيرانها على الصفقة النووية من فوق أكتاف المعارضين من أعضاء المجموعة.
وفي المقابل، يقول الأمريكيون إن الهند لم تتحل بالمرونة والحكمة المطلوبين، وأن نيودلهي لا تدرك أن العديد من دول المجموعة لن يقبلوا بمسودة الاتفاقية. كذلك أن هناك حداً لقدرة واشنطن على الضغط، وأن عليها أن تعطي شيئا ما في المقابل.
لكن الهند ترفض إدخال أي تعديل جوهري على المسودة الأصلية التي وضعتها بالاتفاق مع الولايات المتحدة.
فصرح عالم الطبيعة المعروف إم. في. رامانا، من مركز الدراسات المترابطة في مجالي البيئة والتنمية، والخبير في قضايا انتشار الأسلحة النووية، «من الصعب الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تعرقل الاتفاقية (مع الهند)، بعد التفاوض عليها وتقديم كل التنازلات الممكنة لإرضاء الهند».
وأضاف «أيا كان الأمر، فالواقع أن الهند قد شاركت في كل مراحل التفاوض على النصوص التي عرضت على وكالة الطاقة النووية الدولية ومجموعة الدول الموردة للمواد النووية. من السخافة أن تلوم الهند الولايات المتحدة. ففي أفضل الأحوال، كانت الهند ساذجة لثقتها بأن واشنطن سوف تبذل قصارى جهدها في صلب المجموعة». هذا وثمة مشكلة هامة أخرى، ألا وهي أنه حتى لو وافقت المجموعة على الإعفاءات الخاصة لصالح الهند في اجتماعها (المذكور تاريخه أعلاه)، فإنه من المحتمل جداً أن تخفق الاتفاقية في تلبية المهلة (30 يوماً) التي يحتاجها مجلس الشيوخ الأمريكي لمصادقتها، وهو شرط لا غنى عنه من أجل تنفيذها. فالمعروف أن مجلس الشيوخ سوف يستأنف جلساته في 8 أيلول، ليتوقف في 26 أيلول، حتى إعادة انتخابه في تشرين الثاني المقبل.
وحتى في افتراض أن المهلة المتاحة كانت كافية لمداولات مجلس الشيوخ، فسوف يكون من المنتظر أن يدخل المشرعون تعديلات عليها، عملاً على الأقل بالشروط العديدة والجديدة التي اعتمدها المجلس في كانون الأول 2006 فيما يخص الهند، بما فيها وقف التعاون الأمريكي معها في حالة إجرائها تجربة نووية.
بيد أن الهند ترفض التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وترفض أيضاً أي شرط تحاول المجموعة فرضه عليها في هذا الاتجاه.
وأخيراً، توقع العالم والخبير رامانا أنه «يحتمل أن تعمل الولايات المتحدة على إقناع الهند بقبول واحد على الأقل من الشروط الثلاثة التي تطلبها المجموعة، وبالتحديد شرط منع تكنولوجيات التخصيب وإعادة المعالجة».
ثم قال إنه «من الصعب القول بأن الهند سوف توافق على هذا الشرط، وأن تقبل باستعراض دوري لالتزاماتها بعدم نشر الأسلحة النووية، ووقف التعاون في حالة إجرائها تجربة نووية»، علماً بأن الحكومة الهندية قد أكدت مراراً وتكراراً عدم استعدادها لتقييد «حقها السيادي» في إجراء تجارب نووية.
• المصدر نشرة (آي بي إس)