مفاوضات اليمن: سقوف ما قبل الحل
بعد وصول الجولة الثانية من مفاوضات الكويت إلى نهايتها، وافق الوفد الحكومي على تمديد المفاوضات أسبوعاً آخر، مغادراً الكويت صوب السعودية لمناقشة إعلان «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» عن تشكيل مجلس سياسي أعلى، بينما بقيت الوفود الأخرى في الكويت بانتظار ما ستنجم عنه التحركات الدولية الإقليمية حتى 7/آب الحالي موعد ختام جولة التمديد.
في الجولة الثانية من المفاوضات التي استمرت قرابة أسبوعين، شهدت المحادثات إضراب الوفد الحكومي وتعليق مشاركته حتى الأيام الأخيرة، قبل أن تتوقف في 29/تموز، ويتم التمديد حتى 7/آب الجاري، وكان المحور الأساسي للنقاش في الجولة الثانية، يدور حول ورقة البعثة الدولية المقدمة إلى المفاوضين في الكويت.
الرد على مبادرة ولد الشيخ
تضمنت ورقة البعثة الدولية في حينها ما تناقلته وسائل إعلام عن ورقة سعودية «مسربة»، قالت مصادر من «أنصار الله» أنها تحمل نوايا مقلقة بتركيزها على تسليم السلاح والانسحاب من المدن، مغفلة مسألة الانتقال السياسي الذي كان من المفترض أن يبحث على التوازي مع المسألة المطروحة سعودياً.
بالتالي، فمن المتوقع أن إعلان «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» عن مجلس سياسي أعلى، هو رد على المبادرة السعودية المقدمة لـ«أنصار الله»، والتي تغاضت عن ردعها البعثة الدولية، كهيئة منوط بها تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، والبحث في بنوده بالتوازي، كما بدأت به الجولة الأولى من المفاوضات في الكويت، لكن البعثة الدولية ومن خلفها الدول الراعية لتسوية اليمن تراخت في إتمام العملية التفاوضية وطوت فكرة عمل اللجان الخمس المتوازية، وأعطت مجالاً أوسع لحركة السعودية في الملف اليمني.
ويتضمن الاتفاق بين «أنصار الله» وحزب الرئيس السابق، علي عبد صالح، تشكيل مجلس سياسي أعلى يتكون من عشرة أعضاء من كل من المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وأنصار الله وحلفائهم بالتساوي، بهدف توحيد الجهود لمواجهة «التحالف العربي»، ولإدارة شؤون الدولة في البلاد، سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً واجتماعياً وغير ذلك وفق الدستور.
رد على إعلان المجلس الأعلى
بعد الإعلان آنف الذكر، والذي جاء في 28/تموز الماضي، قدم المبعوث الدولي مقترحاً سياسياً ينص على انسحابات من صنعاء وتعز والحديدة قبل الحوار السياسي، وعودة السلطة إلى العاصمة خلال 45 يوماً، تحت إشراف اللجنة العسكرية المشكلة من الطرفين، إضافة إلى تسليم السلاح الثقيل للدولة، والإفراج عن المعتقلين، وفك الحصار عن المدن، وإلغاء المجلس السياسي الأعلى، واللجنة الثورية العليا، على أن يتم التوقيع على الملف السياسي، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في جولة أخرى يتم تحديد مكانها وزمانها لاحقاً.
ورد المبعوث الدولي على إعلان تشكيل المجلس الأعلى بالقول: إن التوقيع على هذه الاتفاقية يعرض محادثات السلام الجارية في الكويت للخطر. فيما سارع الوفد الحكومي بعدها إلى الموافقة على هذا المقترح، حيث أكد وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، في 1/آب الجاري أن وفد الحكومة وافق على المبادرة وسيغادر الكويت لكنه لن ينسحب من المحادثات. وفي السياق ذاته، ونتيجة التوترات السياسية الأخيرة، عادت المعارك للاشتداد على الحدود اليمنية- السعودية، وفي الداخل اليمني، وتحديداً في مديريات تعز.
وبالعودة إلى اقتراح المبعوث الدولي الأخير، يبدو أن الملف السياسي أصبح ناضجاً تماماً لكن التوقيع النهائي مرهون بقرار الدول العشرة الراعية للتسوية، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي لا تتعاطى مع ملفات المنطقة، على أساس عزل الملفات وحلها كل على حدة، بل على أساس ربط الملفات وتنظيم التحكم بحلول الملفات المشتعلة قدر المستطاع، وهو ما يهدد مفاوضات الكويت في هذه المرحلة.