أليخاندرو لوبيز ترجمة: نور طه أليخاندرو لوبيز ترجمة: نور طه

الإسبان تحت خط الفقر

تشهد إسبانيا ومنذ بداية الأزمة الاقتصادية في عام  2008 ارتفاعاً دراماتيكياً في معدلات الفقر والجوع والتفاوت الاجتماعي. حيث باتت إسبانيا اليوم تعتبر أكثر دول الاتحاد الأوروبي (السبع والعشرين) معاناة جراء تفشي ظاهرة التفاوت الاجتماعي.

هذا وتقوم حكومة حزب الشعب اليميني (PP) على غرار ما قامت به حكومة الحزب الاشتراكي السابقة ، بفرض إجراءات التقشف الصارمة وتخفيض مخصصات قطاعات أساسية كقطاع التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية كما تقوم بزيادة الضرائب وتعمل على تحرير قوانين عمل جديدة وفي الوقت الذي يحدث فيه كل هذا يزداد بالمقابل الركود الاقتصادي ويتفشى التضخم وترتفع معدلات البطالة بشكل كبير.

 

عدم المساواة القصوى

فوفقاً لتصريحات بنك إسبانيا فقد عانى الاقتصاد من انكماش نسبته 0.4% خلال الربع الأول من هذا العام!

كما أظهرت أحدث إحصائيات مركز يوروستات والتي يتم حسابها عبر ما يعرف بمقياس (جيني Gini) الذي يعتمد الشكل التالي (0%= معبر عن المساواة الكاملة، 100%= معبر عن عدم المساواة القصوى) أن إسبانيا انتقلت من معدل 31.3% في 2008 إلى 34% في 2011 !! وللتنويه فإن متوسط معدل (جيني) في الاتحاد الأوروبي يبلغ 30% وليس هناك سوى دولة واحدة تفوقت على إسبانيا بمعدل (التفاوت الاجتماعي) ألا وهي لا تفيا بمعدل بلغ 35.2%.

ولنأخذ مقياساً آخر للتفاوت الاجتماعي وهو مقياس (نسبة 20/80) حيث يعتمد هذا المقياس في عمله على قياس إجمالي دخل ما نسبته 20% من كبار الأغنياء بمقابل إجمالي دخل ما نسبته 20% من أفقر الفقراء. كلما زادت النسبة زاد معدل اللامساواة الاجتماعية حيث يظهر هذا المقياس أن إسبانيا انتقلت من نسبة 5.5 في 2006 إلى 7.5 في 2011 حيث تعد هذه النسبة الأعلى بين جميع دول الاتحاد الأوروبي والذي بلغ متوسط معدلها مجتمعة 5.7. وهنا تفوقت إسبانيا على لاتفيا التي حققت في عام 2011 ما نسبته 7.3.

أما بالنسبة للبطالة فقد ظهر مسح سكاني أجري مؤخراً أن معدلاتها تتراوح بين 25% و53% بين صفوف الشباب تحت سن الـ 25 كما أظهر أيضاً أن هناك 1.7 مليون منزل يعاني جميع أفراده من البطالة. وأن 67% فقط ممن سجلوا أسماءهم في مكتب التوظيف العام يتلقون بعض المساعدات الحكومية.

 

تخفيض الخدمات الاجتماعية الأساسية

في عام 2010 استطاعت الخدمات الاجتماعية أن تؤمن نفقات الماء والكهرباء والغذاء لما يقارب الثمانية ملايين مواطن إسباني وبزيادة قدرها 20% عن ما حققته في عام 2009. أما الآن فإن آخر الإحصائيات ما تزال غامضة فقد خفضت حكومة الـ (PP) إلى النصف تقريباً مستحقات الموازنة المخصصة لتغطية الخدمات الاجتماعية الأساسية.

أحد العمال وفي حديث لصحيفة (البلد) المحلية قال: «لم أشهد خلال الخمسة والعشرين عاماً التي قضيتها كعامل في الشؤون الاجتماعية شيئاً كالذي يحصل اليوم.. إن هذه السنة تختلف اختلافاً جذرياً عن سابقتها. فمع التخفيضات الجارية الآن لم يعد هناك أي موارد لتمويل الخدمات الاجتماعية».

قامت منظمة الصليب الأحمر بتقديم طلب جديد لجمع 30 مليون يورو (38.8 مليون دولار) لتقديمها على شكل تبرعات لمساعدة 300 ألف مواطن إسباني.

وجاء في نص الطلب ما يلي:

«إن 82% من الإسبان الذين تدعمهم منظمة الصليب الأحمر يعيشون تحت خط الفقر، كما أن نصف العاطلين عن العمل ممن يتلقون المساعدات خرجوا من سوق العمل منذ ما يزيد على السنتين. وتضيف المنظمة أن هذه الحالة لا تقتصر على إسبانيا، ففي إيطاليا مثلاً حيث يزداد الطلب على المواد الغذائية يحضّر فرع المنظمة هناك لإطلاق تقييم متعمق لظروف الرعاية الصحية والاجتماعية في جميع أنحاء البلاد. وفي هنغاريا أيضاً يتزايد الطلب على البرامج الغذائية والمنظمة بصدد إعداد برنامج لإعادة الكهرباء إلى البيوت التي قطعت عنها نتيجة عدم سداد الفواتير. وحتى في فنلندا التي يعتبر اقتصادها أحد أفضل اقتصادات منطقة اليورو قامت المنظمة بإنشاء 44 مركزاً صحياً واجتماعياً استشارياً لمعالجة أزمة البطالة على المدى الطويل».

 

في مواجهة برد الشتاء

هذا ويوضح البيان الذي أصدرته منظمة الصليب الأحمر حول ضعف الأحوال الاجتماعية في إسبانيا أن 43.2% من السكان غير قادرين على تأمين الوسائل اللازمة لمواجهة برد الشتاء وأن حوالي 26% منهم عاجزون عن الحصول على وجبة تحتوي على البروتين (اللحوم مثلاً) إلا مرة واحدة كل ثلاثة أسابيع.

وفي تجل آخر للأزمة الاجتماعية في إسبانيا أفادت جمعية كاريتاس الكاثوليكية الخيرية أن عدد المحتاجين الذين كانت تساعدهم على صعيد البلاد كلها ارتفع من 370 ألف في 2007 إلى ما يزيد عن مليون مواطن في 2011!!

 

منبر المتضررين

ومن ناحية أخرى فقد أكدت منظمة منبر المتضررين من الرهن العقاري (PAH) والتي تسعى لفرض حظر على عمليات إخلاء السكان من منازلهم أن منازلها ما يقارب من 300 عائلة يجري إخلاؤها يومياً من منازلها.

تشهد القدرة الشرائية للعمال الإسبان أكبر انخفاض لها منذ عام 1985 حيث تهدف الطبقة الحاكمة إلى إحداث تخفيض في قيمة العملة المحلية بغرض الحصول على قدرة تنافسية أكبر في الأسواق الدولية كما تشير دراسة حديثة نشرها اتحاد لجان العمال الإسباني بوضوح إلى أنه وعلى الرغم من امتلاك المواطن لعمل ثابت، فإنه كما تبين الدراسة أن 35% من العمال الإسبان يحصلون على أجور شهرية تعادل أو تقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 641.40 يورو.

تعد فئة العاملين لحسابهم الخاص (المهن الحرة) من أكثر الفئات تضرراً حيث أن 40% منهم معرض لمخاطر الفقر. أما بالنسبة للعاملين بدوام جزئي، فإن 18% منهم يعيشون الآن في حالة فقر حقيقية.

هذا ويتوقع التقرير أن تبلغ نسبة الفقر في إسبانيا 28% بحلول نهاية عام 2012 الأمر الذي يمثل ارتفاعاً مقداره 10% عن ما كانت الحالة عليه في 2007.

كما أن المعهد الوطني للإحصاء أشار إلى أن ما يقارب المليون مواطن قد غادروا إسبانيا إضافة إلى أنه ومنذ بداية عام 2011، انخفض عدد السكان من 47.153.000 قبل 21 شهراً إلى 46.117.000 نسمة!!

 

أسطورة إمكاناتنا

من جانب آخر، وعلى الرغم من الإدعاءات المتكررة لممثليها السياسيين وتردادهم للأسطورة التي تقول: «إننا نعيش فوق إمكاناتنا» في محاولة منهم لتبرير خفض الإنفاق الاجتماعي فإن الطبقة الحاكمة في إسبانيا تستفيد من البؤس الاجتماعي الذي يعانيه مواطنوها.

حيث قدر البنك المركزي أن عدد أصحاب الملايين (المليونيريين) سيزداد بنسبة 110% خلال السنوات الخمس المقبلة. وهذا يعني أنه سيكون هناك 616 ألف مليونير في عام 2017. ونص مقال نشرته شبكة ABC الإخبارية على أن برامج الاستثمار الجماعي الجاذبة للمضاربين المعروفة بـ (SICAV) حققت نسبة نمو 50% لأنها تخضع لضريبة لا تتجاوز الـ 1% من أرباحها فقط!!

■■