على أبواب الثورة الثانية:  ما الذي يجري في مصر؟!
د. رفعت سيد أحمد د. رفعت سيد أحمد

على أبواب الثورة الثانية: ما الذي يجري في مصر؟!

لقد عاشت مصر أسبوعاً سياسياً، وشهدت الحياة السياسية تطورات مهمة على الأصعدة كافة، ونعتقد أنها في مجملها كانت تمهد للأحداث الكبرى التي ستعيشها مصر خلال الأسبوع القادم، الأسبوع الذي سيشهد الذكرى الأولى لثورة 25 يناير ؛ وفي ضوء هذه الحقيقة يمكنتسجيل دلالات أبرز أحداث هذا الأسبوع في الآتي:

أولاًعلى المستوى الداخلي لعبت الأزمات الاقتصادية المتفجرة دوراً مهماً في ازدياد سخط الناس على المجلس العسكري الحاكم وحكومة دكمال الجنزوري الانتقالية، وكانت أزمة الوقود، وامتداد طوابير السيارات لعدة أميال من أجل الحصول على (البنزين)، مشهداًمثيراً للغضب بل وللتظاهر السياسي – أحياناً – في بعض المحافظات وفي العاصمة (القاهرةعلى وجه الخصوص، ونحسب أن هذه الأزمات سوف تكون عاملاً مهماً في حشد الجماهير يوم 25 يناير القادم، في ميدان التحرير، ليس ضد المجلس العسكري الحاكم فحسببل ضد الإخوان المسلمين والتيار السلفي وكل من يعتقد الجمهور الغاضب أنهم سرقوا الثورة واستفادوا منها (وضربوا مثالاً لهذا وهو ما جرى في انتخابات مجلس الشعب والذي أصبح رئيسه من الإخوان في حكم المؤكد)، في الوقت الذي لم يحصل فيه هذا (الجمهور)على عائد حقيقي لثورته يتساوى والتضحيات التي قدمها (850 شهيداً + 12 ألف جريحخلال عام 2011 منذ 25 يناير وحتى اليوم.

ثانياًعلى المستوى العربي لمصر، كانت لزيارة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري في مصر إلى ليبيا، ذات دلالة مهمة، حيث قيل أن الأسباب لا تتصل فحسب بمحاولة فتح الأسواق الاقتصادية وبناء جسور للتعاون السياسي والاقتصادي جديدة مع مايسميه البعض (بثورة عملاء حلف الناتو هناك)، وخاصة في مجال التعمير، بل قيل إن السبب هو تنامي ظاهرة التدخل الأجنبي في شؤون مصر بعد الثورة واستخدام ليبيا والقواعد العسكرية لحلف الناتو والتي بدأ الحديث عن وجودها على حدود مصر الغربية يتزايد،وانتشار تنظيم القاعدة وتجارة السلاح والمخدرات على امتداد الساحل الشمالي لمصر وبطول حدودها مع ليبيا، كل هذه التهديدات والتي وصلت إلى حد محاولة نسف الفندق الموجود به (طنطاويفي طرابلس، تحت دعوى أن مصر كانت تساند نظام القذافي، دفع القيادةالحالية لمصر (المجلس العسكريإلى إرسال رئيسه (المشير طنطاويإلى ليبيا لمحاولة وقف هذه التهديدات التي تؤثر سلباً على الأمن القومي المصري وعلى مصر بعد الثورة، في الوقت الذي ينشغل فيه الجيش المصري بشؤون البلاد الداخلية.

ثالثاًعلى المستوى الدوليبدأت إسرائيل وأمريكا وبعض العواصم الغربية تمارس ضغوطاً سياسية على مصر من خلال بوابتي الصندوق والبنك الدوليين، بعد تجريب بوابة الاختراق الدبلوماسي، عبر زيارات كل من (الرئيس السابق جيمي كارتروالتي جابت كلالمواقع السياسية والحزبية والإسلامية في مصر لمصلحة الإدارة والمخابرات الأمريكية حيث لا يزال كارتر على اتصال بها؛ وزيارات جيفري فيلتمان وويليام بيرنز مساعدي وزيرة الخارجية الأمريكية وهما الرجلان اللذان يعلمان مصر والمنطقة جيداً، فضلاً عنزيارات ولقاءات السفيرة الأمريكية بالمسؤولين الرسميين في مصر ومع قادة الإخوان والسلفيين والأحزاب والائتلافات الأخرى، وكان القاسم المشترك في مجمل هذه التحركات هو انتزاع اعتراف من الجميع بالحفاظ على كامب ديفيد وقد انتزعوه للأسف الشديد!!.

بعد هذا الاختراق الدبلوماسي، جاء الاختراق والضغط الاقتصادي من خلال استقبال بعثات الصندوق والبنك الدوليين والتي كانت مرفوضة في بدايات الثورة، الآن سيتم الاستدانة منهما مبلغاً يصل إلى 3 مليار دولار وسيصاحب هذه القروض، شروط سياسية خطيرة أهمهاالحفاظ على كامب ديفيد وضمان عدم خروج مصر من المربع الأمريكي – الغربي.

رابعاًرغم المحاولات الأمريكية والغربية لحصار واختراق مصر وثورتها إلا أن دعوات الرفض لهذه السياسات بدأت تتزايد، من شرفاء مصر الذين صنعوا الثورة بالفعل ؛ خاصة مع اقتراب الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، انحسرت فقط في كونها دعوات حزبية وثوريةمحدودة، أو في الإطار الإعلامي العام، لكنها ربما تتزايد وبقوة خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع وصول الاختراق الغربي الاقتصادي والسياسي إلى نتائج في غير مصلحة الجمهور العريض للثورة التي عانى سنوات طوالاً من آثار سياسات القروض والتعامل الخاص معواشنطن وتل أبيب، والذي يعد (البطلالحقيقي للثورة، والذي – وهذا هو المهم – بإمكانه صناعة ثورة ثانية نظنها قريبة، ضد كل أركان المشهد السياسي السابق ممن يتعاونون الآن مع أمريكا وتل أبيب!!.