مراوحة تعز.. دفعة إضافية للحل السياسي

مراوحة تعز.. دفعة إضافية للحل السياسي

بعد التجهيز الكبير لمعركة تعز، التي تزامنت خلال الشهر الفائت مع تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، عن قرب انتهاء عمليات «التحالف العربي» في اليمن وإطلاق العملية السياسية- أظهرت وقائع الميدان صعوبة الاستفادة من هذه المدينة في عملية التثمير السياسي اللاحق، مما أعاد الوزن مجدداً إلى مباحثات مسقط والرياض..

 

إلى جانب الاستعصاء العسكري الحاصل في تعز، وسيطرة مسلحي «القاعدة» على مدينتي زنجبار وجعار جنوب اليمن، بعد صدامات مع «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس هادي، فإن الأنظار الموجهة إلى معارك الداخل تترافق مع مخاوف حقيقية تتعلق بخسائر القوات السعودية على الحدود الجنوبية للمملكة، ما يشكل عامل ضغط مواز على العسكرة المستمرة في اليمن.

العمل على المسار الوحيد

ليس جديداً إعلان أطراف الأزمة اليمنية عن نوايا المضي في مسار الحل السياسي، إلا أن بناء توافقات مثمرة بقي، حتى الأمس القريب، في إطار الخطوط العامة فقط، لكنه كان مهماً بإعلان الجبير عن وضع حدود لتدخل بلاده في اليمن، وما تلاه من مواقف حكومة البحاح في عدن، وقبول «أنصار الله» بتطبيق قرار مجلس الأمن «2216» المتعلق بالأزمة اليمنية، رغم تحفظاتها على طريقة تنفيذه.

نهاية الشهر الفائت، تصاعدت وتيرة التحضير المركّز لمسودات الحل، بوساطة المبعوث الدولي، إسماعيل ولد الشيخ، الذي يجول بين مسقط والرياض، باحثاً عن نقاط توافق تفصيلية تثبت جدول أعمال للمفاوضات المرتقبة في الأيام القادمة.

في هذا السياق، وبالنظر إلى غض النظر السعودي نسبياً عن نتائج معركة تعز، فإن التركيز قبل بدء المفاوضات يعود إلى مدينة عدن، بهدف تثبيت وجود آمن لحكومة البحاح هناك، وتسيير أعمال هذه الحكومة بقصد إظهار وزن سياسي متزن للرئيس هادي، تعويضاً عن العجز العسكري لأنصاره في التقدم من بوابة تعز نحو صنعاء.

في تفاصيل التحضيرات الجارية، تتضمن المسودة الأولية نقاطاً مبدئية تتعلق بوقف مستدام لإطلاق النار، والقيام بإجراءات أمنية مؤقتة، وهو ما تم تثبيته بين الطرفين، بانتظار حل القضية التي يثيرها جناح الرئيس هادي، والمتعلّقة بنزع الأسلحة من أيدي مقاتلي «أنصار الله»، حيث اقترحت الأخيرة بنداً خاصاً تحت عنوان «التعامل مع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة»، فيما خفض الجانب الحكومي سقف مطالبه بأن يجري النص على «نزع أسلحة الحوثيين التي أخذت من معسكرات الجيش». كما تضمنت المسودة بنداً هاماً حول مكاسب فورية ومستعجلة على المدى القصير للشعب اليمني.

تجهيزاً لارتدادات الحل السياسي!

أياً كانت مآلات الحل السياسي الذي يدرك فيه الخليجيون استحالة التحكم الشامل بنتائجه اللاحقة، فإن بناء جدران وقاية ممكنة لتجميل صورة التدخل العسكري في اليمن تصبح ضرورة خليجية أكثر من أي وقت مضى، وهو ما تحاول الإمارات مؤخراً تظهيره بالنوايا الاقتصادية، حيث أعلنت جمعية «الهلال الأحمر الإماراتي» وحدها، إنفاق 100 مليون دولار على محطات الكهرباء، مشيرة إلى دعمها لمادة الدقيق الذي وصل سعره في عدن إلى سدس ما هو عليه في صنعاء، إضافة إلى وعود إعادة الإعمار الذي من الممكن أن تستغله دول الخليج بقوة لمسح آثار مرحلة تاريخية خاض فيها الخليج معركة فاشلة سياسياً وعسكرياً.