9 أيلول يوم حاشد: لبنان يواصل احتجاجاته
لا جدار فاصل ولا قمع أمني استطاع أن يجبر المحتشدين في ساحة رياض الصلح وسط بيروت على التراجع. المعطيات الجديدة للحراك، تشير إلى أن الحملات المشاركة فيه مصرة على توسيع أفقه، وبحث مسارات تطويره.
حسب المعطيات المتوافرة، سيكون الأربعاء القادم 9/9/2015، يوماً حاشداً في بيروت، ونتيجة مباشرة للتنسيق الذي جرى على مدار الأسبوع الماضي بين الحملات المشاركة في الحراك. فعلى الرغم من تنوع الحملات، واختلاف توجهاتها السياسية، استطاعت خلال الأيام الماضية التنسيق فيما بينها على إيجاد خطة عمل، «تضمن التنوع والاختلاف داخل الحراك».
مهلة منتهية.. وتصعيد قادم
لم يكن لأحد أن يتصور أن نظام التحاصص اللبناني سوف يرضخ لمهلة الـ72 ساعة التي أعطته إياها الحملات المشاركة في التظاهرات لتلبية بعض المطالب المرحلية. غير أن كثيرين، اعتبروا أن هذه المهلة سوف تسقط أية ادعاءات لاحقة سيتعرض لها الحراك عندما يتجه إلى رفع سقف مطالبه. ومع انتهاء المهلة، أعلنت الحملات يوم التاسع من أيلول، يوماً للتظاهرات المركزية في العاصمة بيروت.
وتحت عنوان «دعوة لاعتصام حاشد في بيروت الأربعاء 9 أيلول»، أكد وزير العمل السابق، شربل نحاس: «نحن أمام طبقة سياسية عنيدة رغم ضعفها، مستهترة بقدر ما هي فاسدة، لا تبدي أي اعتبارٍ للصالح العام.. هذا يجعلنا في موقع مواجهة سلمية مفتوحة معها».
وزارة البيئة و«البارك ميتر»
بعد «احتلال» المتظاهرين لوزارة البيئة خلال الأسبوع الماضي، وهو الحدث الذي كان أول بوادر «التصعيد» الذي توعد به المحتجون بعد انقضاء المهلة المعطاة للحكومة، تصاعدت الاحتجاجات في المناطق اللبنانية كافة: من شتورا إلى بعقلين إلى النبطية ومرجعيون وصور وبنت جبيل.. وغيرها الكثير.
وكان لافتاً في هذه التظاهرات، ارتفاع سقف المطالب التي نادى بها المحتجون، حيث أضيف خلال الأسبوع الماضي، مطلباً أساسياً كانت هيئة التنسيق النقابية- خلال فترة وجود القيادي النقابي حنا غريب فيها- قد ناضلت مطولاً من أجله: وهو إقرار سلسلة الرتب والرواتب بطريقة عادلة وضمان الشيخوخة، والتغطية الصحية الشاملة.
وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة الاحتجاجات، لم تجد السلطة السياسية حرجاً من إطلاق شارة البدء للشركات الخاصة بتركيب عدادات «البارك ميتر» (عدادات لتسليع ركن السيارات على الرصيف البحري مقابل شاطئ بيروت، الذي كان متنفساً وحيداً لفقراء المدينة)، وهو ما اضطرت لاحقاً إلى إيقافه بعد احتجاج المتظاهرين أمام تلك العدادات والقيام بتعطيل بعضها.
عن أي تنوع يجري الحديث؟
كغيره من فعاليات الحراك، يواجه الحراك الشعبي اللبناني استحقاقات ومهام كبيرة. وتأتي على رأس القائمة مهمة إنجاز الفرز داخل صفوفه، حيث لا يزال يقف المتظاهر الحقيقي الخارج من عباءات التبعية العمياء، والرافض لسياسات النهب المنظم التي تمارسها الطغم المالية الحاكمة، إلى جانب «الناشط» في جمعيات الـ«NGOs» المرتبطة خارجياً.
وعلى الرغم من التنسيق الذي جرى الأسبوع الماضي ما بين الحملات المختلفة لتحديد مسار عمل مشترك، غير أن اللافت والإيجابي في هذا السياق كان قد عبر عن نفسه من خلال تكريس الـ«NGOs» في إطار محدد، كمجموعة منفصلة عن غيرها من المجموعات الجدية، وهو ما سيساهم، بحسب بعض المشاركين في الحراك، بتسريع عملية الفرز داخله، على أساس مستوى الجدية والالتزام الذي سيحكم عمل المجموعات.
ومثلما هو الحال في المشهد العراقي، يبدو أن لبنان لن يقف عند موجة واحدة من الحراك الشعبي، فهذه الاحتجاجات التي نشهدها اليوم ليست «صاعقةً في سماءٍ صافية»، إذ تبدو أسباب تصاعدها ماثلة وعصية على التمويه والمواربة.