بين طبرق وطرابلس.. الحل الليبي يلوح
بعد تسعة أشهر من بدء جولات الحوار بين الفرقاء الليبيين, توصل المجتمعون في 11 تموز إلى توقيع اتفاق السلم والمصالحة المقترح دولياً, بغياب أحد الأطراف السياسية الأساسية الممثلة بـ«المؤتمر الوطني» المنتهية ولايته.
في التقرير الذي قدمه المبعوث الدولي لليبيا، برناردينو ليون، خلال اجتماع لمجلس الأمن بعد التوقيع, أكد على أن «باب الحوار في ليبيا لا يزال مفتوحاً أمام المؤتمر الوطني», حيث امتنع برلمان طرابلس عن المشاركة في جلسات الحوار, مشيراً إلى تحفظات على نقاط وصفها بالجوهرية, غابت عن نص مسودة الاتفاق.
ليبيا في عين التوازن الدولي
لا يخفى على أي متابع للملف الليبي, أن الولايات المتحدة جعلت منها مركزاً لانطلاق أدواتها الفاشية الجديدة، ومعسكر تدريبٍ لها, وفي مقدمتها «داعش» التي دخلت على خط الأزمة في تهديد واضح لوحدة ليبيا وتحويلها إلى جغرافيا خارجة عن السيطرة عسكرياً, وللضغط على دول الجوار، وتوريد الأزمات بشكل مستمر إليها.
وفي هذا الملف، يبدو أن هناك افتراقاً أوروبياً عن الولايات المتحدة، نظراً للمخاطر التي يحسبها الأول من جراء المشروع الأمريكي في ليبيا، ما يبرر كثافة العمل الأوروبي على إنهاء الاقتتال في ليبيا, وحصر نشاط الفاشية الجديدة في مساحات ضيٌقة، تسمح لهم بتقييد حركتها لحماية سواحلهم من جهة, ومصالحهم الاقتصادية داخل الأراضي الليبية من جهة أخرى.
وإذا كانت الأزمة الليبية تسير موضوعياً نحو نهاياتها، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي لا يبدو أنها ستطول نظراً إلى تطورات الحلول السياسية في العالم ككل, فإن هذه الأزمة التي دخلها الغرب والولايات المتحدة مبكراً، تؤكد على أن الميزان الناشئ دولياً, والمعبّر عن ظهوره إلى العلن في المحافل الدولية بالفيتو الروسي- الصيني المزدوج المكرر في الملف السوري, بدأ يفعل فعله في الملفات التي سبقت استمرار تبلور القطب الدولي الجديد في وجه الهيمنة الغربية على العالم.
الرافضون للحل يقعون تحت الضغط
ضمت المسودة الموقعة ثلاثة محاور رئيسية وهي حكومة وحدة وطنية, واعتبار برلمان طبرق هيئة شرعية, وتأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس للإدارة المحلية ومجلس للدفاع والأمن، وآخر لصياغة الدستور. وتتمحور معظم الخلافات بين برلمان طبرق وبرلمان طرابلس حول البند الثالث المتعلق بتأسيس مجلس الدولة.
وعلى الرغم من ذلك، عملت البعثة الدولية على أمرين أساسيين بغية الوصول إلى الاتفاق النهائي بحضور جميع الأطراف, ما سيمثل عملياً نقطة انعطاف في تطور الحدث الليبي الذي أصبح يقلق الجوار, والدول الأوروبية على حدٍ سواء. الأول، تمثل في تكثيف جلسات الحوار الليبي- الليبي بشكل شبه أسبوعي خلال الأشهر الماضية, إضافة إلى اللقاءات الدولية المستمرة مع الأطراف الليبية كل على حده, ما منع عملية تشتيت المنجزات الآنية للحوارات فيما لو كانت هذه اللقاءات متباعدة زمنياً.
أما الثاني، فتجسد في إيجاد ثغرة يمكن من خلالها تذليل العقبات التي يضعها برلمان طرابلس، وذلك عبر السماح بإبداء التحفظات على بعض النقاط، والحفاظ على حق الأطراف بالاستمرار في التفاوض حولها وصولاً للتوقيع النهائي للاتفاق.