الورقة الليبية خارج اليد الأمريكية؟
تمضي جولات الحوار بين القوى السياسية الليبية، في العاصمتين الجزائرية والمغربية, بهدف الوصول إلى حل للنزاع المسلح في البلاد، في وقتٍ تسعى واشنطن إلى مواصلة مشروعها القاضي بتحويل ليبيا إلى مركز انطلاق للفاشية الجديدة في شمال أفريقيا.
مع بداية التدخل العسكري الغربي، ساهم تدمير جهاز الدولة الليبي في تدويل أزمة البلاد بشكلٍ كبير، وبات الصراع المسلَّح تعبيراً عن تضارب مصالح دولية وإقليمية في رسم الخارطة الليبية، التي تعني بالنسبة لدول الجوار الليبي، الحفاظ على مستوى مقبول من الاستقرار الأمني، بما يسمح لها بالالتفات إلى ملفاتها الأخرى.
الولايات المتحدة تفقد السيطرة!
يمضي المشروع الأمريكي، بأدواته الفاشية، معتمداً على أدوات قطرية- تركية واضحة وعلنية لأطراف متشددة في البلاد، حيث كان رئيس الوزراء الليبي، عبد الله الثني، قد وجّه أصابع الاتهام إلى الدولتين بدعم الإرهاب لوجستياً ومادياً.
من الممكن القول أن ميزان القوى الدولي الآخذ بالتبلور، والذي ينعكس بخسارات أمريكية في ملفات العالم، أفرز بإحدى نتائجه استقلالاً نسبياً في السياسات الأوروبية، سمح لها باتخاذ مواقف خارج المظلة الأمريكية، إذ تظهر هذه الاستقلالية في رباعية «النورماندي» المتعلقة بحل الأزمة الأوكرانية، وفي ليبيا مؤخراً عبر تفعيل مسار الحل السياسي الذي يشكِّل الخط العام للتوجهات الأوروبية في الملف الليبي، فيما يبقى الترحيب الأمريكي ببوادر الحل رضوخاً لواقع انفلات زمام المبادرة شيئاً فشيئاً منها، ومن حلفائها وأدواتها.
ولا تقتصر التبدلات في المشهد الليبي على نوايا اللاعبين الإقليميين في الحل السلمي فقط، فروسيا، المؤثرة بشكلٍ متصاعد على مستوى العالم، استغلت نضوج الظروف الموضوعية المحيطة بليبيا، لتعود بقوة إلى لعب دور أساسي في الملف الليبي.
مناورات الحل السياسي: بين الجزائر والمغرب
بعد وضع اللبنة الأولى للحل في «إعلان الجزائر» 11/3/2015، انتقلت المبادرة في الحل إلى المغرب التي استضافت جولتين من اللقاءات بين قوى سياسية برعاية أممية، لتعود بعدها المحادثات إلى العاصمة الجزائرية في 14/4/2015، بحضور المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، الذي أكد على أن ممثلي الأحزاب اتفقوا على 90% من المقترحات التي قدمتها البعثة الأممية، واصفاً العملية بالنجاح الكبير.
على الرغم من العراقيل الملازمة لمسار الحل السياسي حتى اليوم، إلا أن السمت العام الآخذ بالتبلور اتجاه هذا الحل، يعني بالمحصلة ضربة جديدة للأمريكيين في شمال أفريقيا، سبقته مؤخراً عودة العلاقات الروسية إلى مصر والجزائر بقوة، أي أن احتمالات اتساع خارطة الحريق الأمريكي، التي كان من المحتمل أن تشمل الجزائر ومصر بشكلٍ أساسي، بدأت تنحسر انطلاقاً من ليبيا باتجاه إخمادها.