في تايلاند: الغرب ضد المظاهرات.. لأنها ضد الديموقراطية..!!
شهدت تايلاند يوم 22 من شهر أيّار 2014 انقلاباً عسكرياً على الحكومة التايلاندية برئاسة «ينغلوك شيناواترا»، «ينغلوك» هي أخت «تاكسين شيناواترا» ملياردير شركات الاتصالات التايلاندي، ورئيس وزراء تايلاند بين عامي 2001 و2006.
رد الفعل الأمريكي على هذا الانقلاب كان واضحاً. «جون كيري» وزير الخارجية الأمريكي أعرب عن «خيبة أمل» الإدارة الأمريكية بالانقلاب العسكري، معلناً أن هذا التحرك يفرض على الإدارة الأمريكية مراجعة المساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة وغيرها من المساعدات التي تمنحها لتايلاند.
خرق الدستور وبيع ممتلكات الدولة..
جاء الانقلاب العسكري لينهي أكثر من سبعة أشهر من الصدامات الدامية في شوارع تايلاند بين المتظاهرين المعارضين لسياسات رئيسة الوزراء الاقتصادية وتعديها على الدستور في أكثر من مادة، وبين مؤيدي رئيسة الوزراء، الذين يسمّون «القمصان الحمر». ومؤخراً كانت المحكمة الدستورية قد حكمت ضد رئيسة الوزراء «ينغلوك شيناواترا» في تعديها على الدستور التايلاندي، أولاً عبر محاولاتها الفاشلة والمتكررة لتمرير عفو عن رئيس الوزراء السابق، شقيقها «تاكسين شيناواترا» مع كامل فريقه الحكومي والاقتصادي، وكان «تاكسين شيناواترا» مع فريقه الاقتصادي هو الذي أسس للسياسات الليبرالية وعقود بيع شركات الدولة وأراضيها فترة استلامه السلطة.
الخرق الثاني للدستور كان في تعديل المادة 190، هذا التعديل الذي يسمح لـ«ينغلوك شيناواترا» بعقد الاتفاقيات والمعاهدات دون الرجوع إلى البرلمان التايلاندي، ومن ضمن تلك المعاهدات التي كانت تحاول «شيناواترا» تمريرها دون موافقة البرلمان، اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وتايلاند، تلك الاتفاقية المرفوضة شعبياً لأنها تنطوي على فتح المجال دون رقيب أو حسيب لبيع ممتلكات الدولة والشعب تحت اسم «الاستثمار الأفضل» لموارد الدولة.
والجدير بالذكر أن مثل هذه الاتفاقيات والتوجهات هي التي تسببت بالانقلاب العسكري الذي شهدته تايلاند عام 2006 لعزل «تاكسين شيناواترا» عن السلطة بعد اتفاقية طرح أسهم شركة النفط الوطنية للمستثمرين الأجانب والمحليين، بالإضافة للعديد من الشركات الوطنية المسؤولة عن قطاعات البنية التحتية.
«العملاء الأوفياء»..
عام 2001، عبّرت جريدة «الوول سترييت جورنال Wall Street Journal» الأمريكية بابتهاج كبير عن بدء تايلاند عمليات الخصخصة في الممتلكات الوطنية للبنية التحتية، وكان رأس الحربة في هذا «الإنجاز» هو «تاكسين شيناواترا» وفريقه الحكومي.
وعموماً فإن الأخوين «شيناواترا» هما فخر السياسات الليبرالية وتحرير السوق وبيع ملكيّات الدولة في تايلاند، وقد عبّر «تاكسين شيناواترا» مراراً أن مهمته الأساسية هي بكونه «وسيطاً» بين الاقتصاد الأمريكي العظيم والاقتصاد التايلندي الضعيف.
وخلال فترة الصدامات الدامية التي امتدت على مدى الشهور الثمانية الماضية، كان الإعلام الغربي وعلى رأسه «هيئة الإذاعة البريطانية BBC» تتحاذق بشكل مخزي ومضحك في محاولة لإخفاء رفضها للمظاهرات المناهضة لرئيسة الوزراء التايلاندية «شيناواترا» خصوصاً بالتزامن مع الحملة الإعلامية الواسعة للدفاع عن التظاهرات التي شهدتها أوكرانيا في الفترة ذاتها عملياً. وقد وصلت الوقاحة لدرجة أن تعلن محطات أمريكية وغربية جهارة أن مظاهرات بانكوك المناهضة لرئيسة الوزراء «شيناواترا» هي تعادي الإجراءات الديموقراطية التي تقوم بها رئيسة الوزراء، وهي تحركات بتمويل ودعم صيني لزعزعة الأنظمة الديموقراطية في آسيا..!
اليوم، وبعد الانقلاب الذي جاء لإنهاء الصدامات الشعبية وعزل «شيناواترا»، فإن مطالب التايلانديين تتركز بشكل رئيسي في التراجع عن كل الإجراءات التي تم اتخاذها في عهد الأخوين «شيناواترا»، وإعادة تأميم ممتلكات الدولة، واتخاذ إجراءات حقيقية لإصلاح الاقتصاد ورفع مستويات المعيشة المتدنية بشكل رهيب.