ماذا خلف الاستيلاء الأجنبي على أراضي أمريكا الجنوبية؟
يشهد عدد من دول أمريكا الجنوبية موجة استيلاء شركات ودول أجنبية- من بينها مصر والسعودية والبحرين والكويت وقطر- على مساحات شاسعة من أراضيها الزراعية الصالحة لإنتاج الأغذية.
وفي محاولة للحد من ذلك شرعت حكومات الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي، الشريكة في السوق المشتركة للجنوب «ميركوسور»، بإعداد قوانين وقواعد تهدف لكبح المطامع الخارجية في استغلال أراضيها الزراعية بموجب عقود شراء أو استئجار.
غير أن هذه البلدان الثلاثة لا تعتزم رفض الشراء أو الاستثمار المالي الأجنبي لأراضيها من حيث المبدأ، ولا تنظر في وضع قواعد محددة بشأن كيفية استخدام الأراضي أو استعراض الصفقات التي عقدت حتى الآن، بل تقتصر التدابير على وضع سلسلة من القيود على زحف الدول والشركات الأجنبية علىالأراضي الزراعية بموجب صفقات تضمن لها تموين أسواقها الغذائية أو استغلالها كأداة للمضاربة التجارية.
وأقرت البرازيل بالفعل قاعدة للحد من تملك الشركات الأجنبية وكذلك الشركات البرازيلية ذات رأس المال الأجنبي لأراضيها، في حين تدرس الأرجنتين وأوروغواي حزمة من التدابير في هذا الاتجاه.
وانطلق ناقوس التحذير من تزايد عمليات شراء الأراضي في هذه البلدان في السنوات الأخيرة، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية ونقص الاستثمارات المالية البديلة في وقت حذرت فيه دراسة لعام 2008 أجرتها منظمة «غراين» (الحبوب) غير الحكومية الدولية الناشطة لصالح الفلاحين وصغار المزارعين، من ظاهرة شراء الأجانب للأراضي الزراعية.
وأفادت أن الصين، ومصر، واليابان، وكوريا الجنوبية، والمملكة السعودية، والهند، والبحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، تأتي ضمن كبار مشتري أو مستأجري الأراضي الخصبة في دول لا يتوفر الطعام فيها دائماً.
كما حذرت المنظمة من أن هناك أيضاً عمليات شراء أراضي لأغراض المضاربة من قبل البنوك والمؤسسات المالية، وذلك في أوكرانيا والسنغال ونيجيريا وروسيا والبرازيل وباراغواي.
أما في الأرجنتين، فقد أحالت حكومة الرئيسة كريستينا فرنانديز إلى البرلمان مشروع قانون بتحديد نسبة 20 في المئة كحد أقصى لامتلاك الأجانب للأراضي الوطنية، وعدم السماح لهم بشراء أكثر من 1000 هكتار في المناطق الإنتاجية. لكنها لا تقيد مشاركة رؤوس الأموال الأجنبية في استثمارات شراء الأراضي كما هو الحال في البرازيل.
وفي أوروغواي كشف إحصاء جرى في عام 2000 أن 17 في المئة من أراضي أوروغواي كانت بالفعل في يد رؤوس أموال أجنبية، ويقدر حالياً بما بين 20 و 30 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد، حيث تم بيع أكثر ستة ملايين هكتارا من الأراضي حسبما أفادت وزارة الثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية.