التراجيديا الإغريقية... الفصل الثاني
ثمة مخاوف متنامية في الدوائر الاقتصادية والسياسية اليونانية من أن تواجه البلاد قريباً المزيد من الصعوبات في مجال الوفاء بالتزامات ديونها، وذلك على الرغم من حزمة التكيف الهيكلي الطموحة التي اعتمدتها في العام الماضي.
فقد قبلت اليونان، جراء تعرضها لخطر الانهيار الاقتصادي الكامل باعتبارها واحدة من الدول الأوربية الأكثر تضرراً من الأزمة المالية العالمية، قبلت في الخريف الماضي قرضاً يعادل 110 مليار يورو من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي، لمساعدتها على تسديد الديون المستحقة.
هذا القرض يعزل اليونان بالفعل عن الأسواق المالية العالمية حتى عام 2014، حتى وإن كانت خطة التكيف الهيكلي- تحت إشراف «ترويكا» مكونة من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوربي والمفوضية الأوربية- تهدف إلى مساعدة البلاد على فتح سوقها للمنافسة الدولية.
وأدخلت الحكومة اليونانية منذ أيار الماضي حزمة من التعديلات التشريعية الضخمة، تضمنت من بين خطوات أخرى: تخفيض الأجور في القطاع العام، وتحرير سوق العمل بشكل كبير، وإعادة هيكلة الأصول غير المربحة المملوكة للدولة، و«إصلاح» نظام المعاشات.
وعلاوة على ذلك، توقفت الحكومة، بشكل غير رسمي، عن دفع عائدات ضريبة القيمة المضافة، وأجلت سداد المبالغ المستحقة للمتقاعدين، وقلصت مخصصات قطاع الخدمات الاجتماعية الثانوية، وذلك من أجل الحد من الإنفاق.
كما فرضت حكومة أثينا بضع ضرائب جديدة، وعدة قوانين صارمة ضد التهرب من دفع الضرائب، على أمل النجاح في تعافي الاقتصاد. لكن هذه التدابير لم تأت بالنتائج المنشودة.
وساعد تقليص الإنفاق على خفض العجز بنسبة 6 في المئة، ومع ذلك، فقد فشلت الحكومة اليونانية إلى حد كبير في تحقيق مطالب «الترويكا».
وفي الوقت نفسه، جففت التدابير الأسواق، فيما أشارت القياسات الرسمية إلى معدل ركود بنسبة 4.5 في المئة. وأقرت مصادر في المصرف الوطني اليوناني بأن النسبة الحقيقية للركود قد بلغت نحو سبعة في المئة في الأشهر الستة الماضية.
وقد انفجرت الديون أيضاً لتصل إلى مستويات تتجاوز الحد المسموح به في الميزانية بنسبة 149 في المئة.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، فقد توقع معهد بحوث العمالة التابع لأكبر إتحاد نقابي في البلاد، أن يرتفع معدل البطالة إلى 22 في المئة بحلول نهاية 2011. وقال سافاس روبوليس، رئيس قسم الأبحاث بالمعهد وأستاذ اقتصاديات السياسة الاجتماعية بجامعة «بانتيو» في أثينا، إن الدخل لن يتعافى على الرغم من الجهود الحكومية.
وأضاف إن «خفض ضريبة القيمة المضافة غير المباشرة على الدخل، وتخفيض أجور العاملين في القطاع العام، ووقف المدفوعات، واختفاء الائتمان الرخيص، كل هذا يؤدي إلى انهيار الاستهلاك».
وشرح أن «الضرائب المباشرة لن تحل المشكلة، نظراً لوجود نقص في المنهجية السياسية الضريبية في البلاد. فلقد اقترضت الدولة دوما لتغطية العجز المترتب على ذلك».
وعلى الرغم من القلق المتزايد من عدم فعالية التدابير المتخذة، قدم وزير المالية جورج باباكوستادينو، خطة محدثة لخفض هذا العجز بقدر 22 مليار يورو إضافية بحلول عام 2015، يأتي ثلثاها من تقليص الإنفاق والباقي من العوائد الضريبية والخصخصة.
وتواجه اليونان معضلة نفاد استحقاق التزامات ديون اليونان في عامي 2013 و2014 بما قد يبلغ 150 مليار يورو، ما لم توافق ألمانيا علي تمديد مهلة السداد حسبما اقترح الكثيرون في المفوضية الأوروبية في بروكسل.