ألمانيا: السلاح بدل الجنود

ألمانيا: السلاح بدل الجنود

تدخل ألمانيا على خط الحروب وفق عقيدة خاصة، وهي ضخ السلاح إلى الأسواق العالمية بشكل واسع دون مشاركة مباشرة بالعنصر البشري في الحروب الدائرة، وتأخذ الحكومة الألمانية بعين الاعتبار حساسية الألمان تجاه الحروب نتيجة الكوارث التي حلت بهم في الحرب العالمية الثانية، والقوانين المتعلقة بتصدير السلاح.

وكانت السعودية قد تلقت رداً ايجابياً من الحكومة الألمانية بخصوص رغبة السعودية شراء600 -800 دبابة من الدبابات الألمانية «ليوبارد 2»، ومؤخراً بادرت قطر إلى التفاوض بشراء 200 دبابة من الطراز نفسه تصل قيمتها الى ملياري يورو.

وأوردت تلك الصحف إلى أن وفداً تابعاً لشركة «كراوس مافاي فيغمان» الألمانية التي تنتج هذا النوع من الدبابات توجه قبل بضعة أسابيع إلى قطر لإجراء مباحثات حول الصفقة، وأفادت المجلة بأن الطلب القطري  لم يناقش بعد داخل مجلس الأمن القومي، الذي يضم كلا من المستشارة «ميركل» ورئيس مكتب المستشارية وأهم الوزراء، ويعتبر هذا المجلس هو الجهة  المعنية بالبت في  مثل هذه الصفقات.

ومن المعروف أن شركة «كراوس مافاي فيغمان» بشأن دبابات ليوبارد 2  تنسق مع شركة «راينميتال» التي ارتفعت أسهمها في حزيران الماضي بشكل قياسي بعد ورود أنباء عن نية السعودية شراء 600 -800 دبابة من الطراز ذاته، وفي السياق نفسه ذكرت جريدة «جاكرتا بوست» أن حكومة جاكرتا ترغب في الحصول على 100 دبابة من الطراز نفسه، ومن الواضح أن الحكومة الالمانية تشجع صفقات التسلح هذه بطريقة غير مباشرة،  وأكد رئيس اندونيسيا«سوسيلوبامبانج يودويونو» طلب حكومته إلى  الحكومة الألمانية بشكل غير مباشر، في حين قالت المستشارة الألمانية أنه لم يجر بحث التفاصيل.  وقد اضطرت الحكومة الاتحادية للاعتراف نهاية أيار الماضي  بناء على استفسار قدمته الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، أن الحكومة الاندونيسية  عبرت في أوائل عام 2012   شفهيا  عن اهتمامها بالتكنولوجيا الألمانية  في مجال صنع دبابات  ليوبارد 2 .

ولم تعلق الحكومة الألمانية بالنفي أو الإيجاب حول هذه المعلومات. وقبل ثلاثة أسابيع أصبح معروفا أن الجيش الألماني قد قدم دعما لشركة المنتجة في تجريب هذه الدبابات في السعودية. وفي الوقت نفسه وبمناسبة زيارة المستشارة الألمانية إلى اندونيسيا، 

وفي منتصف تموز الماضي نشرت  دير شبيغل  تقارير عن محاولات شركات إنتاج السلاح الألمانية التحايل على الرقابة على تصدير السلاح لإتمام صفقات تقدر قيمتها  بالمليارات مع الهند، ولم تعلق الحكومة الألمانية على ذلك.

وتشير التقارير وسلسلة من الأدلة إلى أن المستشارة الألمانية تريد إحداث تغيير سياسي عبر صادرات السلاح، ويبدو أن العوامل الرسمية المعيقة لهذا التوجه سيتم إزالتها قريبا، ولهذا حاولت المستشارة الألمانية وبعيدا عن الرأي العام إعداد قائمة في حلف الناتو تضم أسماء دول من العالم الثالث يمكن السماح بإبرام صفقات تسليح معها لأسباب إستراتيجية، مشيرة إلى أن من المنتظر أن يجري  السفير الألماني لدى الناتو مارتين إردمان  محاولة جديدة في بروكسل لتمرير مثل هذه القائمة، بعدما فشلت محاولته الأولى خلال قمة الحلف الأخيرة التي عقدت في شيكاغو.

وفي تقارير سابقة أشارت مجلة «دير شبيغل» إلى وجود مشروعين  لإصلاح التجارة الخارجية في أقبية وزارة الاقتصاد تتعلقان بالأساس بتسهيل صادرات  صناعة الأسلحة، ورفع الشروط الخاصة التي تحد من تصدير منتجاتها، ويهتم المشروعان بتسريع تصدير السلاح إلى بلدان خارج نطاق الاتحاد الأوربي.

وتقول دير شبيغل: إن المستشارة تريد تعزيز دور البلدان التي تعمل وفق الرؤية الألمانية على «استقرار المنطقة» وبهذا تريد التقليل من المخاطر الناتجة من مشاركة الجيش الألماني في التدخلات العسكرية، هناك ضرورة لمزيد من الحروب تريد ألمانيا الاتحادية تحقيق الأرباح من خلالها دون المشاركة فيها.

وتشهد ألمانيا حركة احتجاج ضد المشاركة في الحروب وتصدير السلاح عموما، وتحظى صفقات السلاح مع العربية السعودية ومثيلاتها من البلدان التي لا تحترم حقوق الإنسان وتخرقها بشكل يومي بمعارضة شديدة من قوى اليسار ومنظمات حركة السلام، تتمثل في تنظيم العديد من الفعاليات والتظاهرات الرافضة للحروب والداعية لحل حلف الناتو واعتماد سبل سلمية لحل النزاعات الدولية.