استثمارات حرب.. أم مساعدات؟
تعهدت مجموعة أساسية من «الدول المانحة»، قبل أيام، بتقديم مبلغ 16 مليار دولار لأفغانستان على شكل مساعدات تنمية، على مدى السنوات الأربع المقبلة، مع سعيهم للحيلولة دون عودتها إلى الفوضى عندما تنسحب القوات الأجنبية منها ولكنهم طالبوا الطرف الأفغاني بإجراء إصلاحات لمكافحة الفساد.
ومن المعروف أن هذا النوع من المساعدات يأتي في إطار توظيف رؤوس أموال وضخ المزيد من الثروة في شرايين الشركات الاحتكارية، لتحل الهيمنة الاقتصادية محل الاستعمار العسكري المباشر وربط الدول بشبكة أخطبوطية من الاتفاقات الأمنية والعسكرية مع الدول الكبرى بما يبقي البلد المعني عملياً رهن مصالح واستراتيجيات تلك الدول. عدا عن أن تلك المساعدات وحسب تجربة بلدان عديدة غالباً تأخذ شكل صفقات تسلح، وتنفيذ اتفاقات أمنية، أو استثمار ظالم للبيئة، أو مساعدات نقدية تؤمن حاجات الوكيل المحلي التابع، ولم يسجل التاريخ أن هذه المساعدات تم وظيفها في مجالات إنتاجية وبنى تحتية تؤسس لعملية تنمية حقيقية.
ولا تغير تصريحات هيلاري كلنتون، عن ضرورة مكافحة الفساد في افغانستان، من هذه الحقيقة شيئاً، طالما أن كل البنية الحاكمة والمعينة من الاحتلال في إطار محاصصات قبلية واثنية هي بنية فاسدة، ونتاج صفقات معلنة ومستترة مع الاحتلال. هذا مع العلم أن السيدة كلينتون ربما تكون الوحيدة من بين ممثلي ما يسمى بالدول المانحة التي لم تعلن حجم المساعدات الأمريكية لأفغانستان، وهذا بحد ذاته ما يضع أمام موضوع ما يسمى بالمساعدات اكثر من علامة استفهام.