مخاوف التونسيات من تزايد نفوذ الإسلاميين

مخاوف التونسيات من تزايد نفوذ الإسلاميين

كان انتصار حزب النهضة الإسلامي المعتدل في انتخابات 23 تشرين الأول الماضي مصدر قلق شديد لقطاع عريض من النساء التونسيات، اللواتي يشعرن بأن ما حققن من مكتسبات خلال كفاحهن المرير من أجل التحرر قد يضيع من بين أيديهن نتيجة لصعود نجم القيادة الدينية في فترة ما بعد الثورة.

 

وكتبت جوليانا سغرينا من تونس أن هذه المخاوف تفاقمت بعد الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعات السلفيين المتشددة على دور السينما ومحطات التلفزيون التي تعرض أفلاماً لسينمائيات من النساء. وتزايدت الأوضاع حدة في أعقاب الاعتداء على المدرسين والطلاب بالجامعات في أنحاء البلاد.

وفي غضون ذلك، حاول حزب النهضة بكل السبل أن ينأى بنفسه عن أعمال المتطرفين، عبر إصدار تأكيدات متكررة للمواطنين بأنه ينتهج خطاً أكثر اعتدالاً.

وفي هذا الشأن، أكدت سعاد عبد الرحيم، العضو المنتخب في الجمعية التأسيسية النهضة: «سوف نحترم أسلوب حياة الشعب التونسي ونعمل على الحفاظ على حقوق المرأة»، علماً بأن سعاد عبد الرحيم هي الوحيدة التي لا ترتدي الحجاب من بين 42 امرأة منتخبة لتمثيل حزب النهضة، بل إنها صارت تمثل الصورة «المعتدلة» لحزب النهضة، وقبوله الافتراضي وتسامحه تجاه جميع النساء، بغض النظر عن الدين أو اللباس.

ولكن عشرات النساء، من الطالبات والمعلمات والناشطات، احتشدن خارج مدينة العلوم، جامعة أريانة بتونس، للفت الانتباه إلى الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تشنها على النساء الجهات المحافظة الجديدة والمؤثرة في عديد من المواقع الاجتماعية.

كما صرخت مجموعة من الملتحين في المارة من النساء على طول جدران مدينة العلوم أمام مسجد: «ارحلن»، وهو الشعار المماثل لذلك المستخدم خلال الثورة ضد بن علي للدلالة على غضب المواطنين.

هذه الإساءات اللفظية توجه معظم الوقت إلى النساء اللواتي يرتدين ملابس تتحدى الزي المحافظ المتوقع للمرأة في العديد من البلدان الإسلامية.

هذا ولم تصدر أي جهة أو منظمة بياناً رسمياً لإدانة هذا الاعتداء، مما أجبر النساء على العودة إلى وسائل الإعلام الاجتماعية، وهي الإستراتيجية المستخدمة على نطاق واسع أثناء الثورة كوسيلة لحشد الدعم والدعوة لتنظيم احتجاجات.

وعلى الرغم من المخاوف التي انتابت النساء قبل الانتخابات، إلا أنهن لم يردن التضحية بحقهن في التصويت المكتسب حديثاً عبر مقاطعة الانتخابات.

فقالت سميرة هيزاوي، المرشحة الانتخابية لحزب العمال الجديد الذي أسسه مؤخراً الاتحاد العام التونسي للشغل، والتي تدعو بإصرار أيضاً من أجل مساواة المرأة: «لقد أردنا الحفاظ على حقنا في التصويت بحرية لمرة في حياتنا- لقد لاحظنا بعض المخالفات، ولكنها ليست كافية لمنعنا من التصويت».

كما قالت سلمى بيكار، المخرجة الشهيرة وممثلة القطب الديمقراطي الحداثي، «لست خائفة من حزب النهضة- فمعظم نجاحه يرجع إلى حملة دعائية فعالة بدعم من المحطات التلفزيونية الفضائية مثل قناة الجزيرة. ولولا هذا الدعم ما حقق الإسلاميون هذا الانتصار الساحق... لقد وعدوا بالحفاظ على قانون العائلة في تونس (أكثر قوانين الأسرة تقدمية في العالم العربي)، لكنهم بدأوا الحديث بالفعل عن أن قوانين التبني خارجة على الشريعة الإسلامية». وأضافت «تنتشر الشائعات أيضاً في الفيسبوك حول نية الحزب الفصل بين الجنسين في المدارس والحافلات والأماكن العامة الأخرى، ونحن بحاجة لأن نكون على علم بهذه التغييرات كي نكون مستعدين للمقاومة».

وبدورها، قالت شاكراس بلحاج يحيى وهي نقابية في الإتحاد العام التونسي للشغل: «على الرغم من أن حزب النهضة قد أظهر الوجه المعتدل في البداية، فأنا أشك أن الإسلاميين قادرون على أن يكونوا معتدلين على المدى الطويل». وشرحت: «أخوتي الست اخترن ارتداء الحجاب، وهو الخيار الذي لا أفهمه. وأنا ما زلت أرتدي التنورة القصيرة، لكن الناس أصبحوا ينظرون إلي بشكل مختلف الآن». أما وصال كسراوي، هي صحفية شابة في إذاعة شمس، فهي ترتدي الملابس الغربية أيضاً، خائفة مما يمكن أن يحدث في السنوات (أو حتى الأشهر) القليلة المقبلة. فتؤكد: «هؤلاء (المعتدلون) سوف ينتظرون، ربما لسنة، وربما أقل، قبل إظهار وجههم الحقيقي. لكن الحقيقة أن قاعدتهم قد بدأت في تهديد النساء بالفعل».

• (آي بي إس) بتصرف