أزمة نظام واشنطن في ليبيا
جين شاوول جين شاوول

أزمة نظام واشنطن في ليبيا

يتزايد الغضب الشعبي تجاه كل من الوكلاء الإسلاميين، ممن استخدمتهم الولايات المتحدة للإطاحة بنظام «القذافي»، والذين قاموا بعمليات الابتزاز والاغتيالات والخطف، وحكومة رئيس الوزراء الليبي، «علي زيدان»، الاستعمارية الجديدة.

ترجمة : هزار محمود

إن التمويل المسرف للإسلاميين من المملكة العربية السعودية، ودول الخليج وحلف الناتو للإطاحة بنظام القذافي، قد أغرق ليبيا بالسلاح والمليشيات، حيث تحولت البلاد إلى قاعدة للجماعات الإرهابية الإقليمية، ومصدر لضخ  السلاح و«الجهاديين» إلى سورية.
ونظراً لعدم وجود جيش وطني حقيقي، فليس بوسع الحكومة ضبط حدودها. حيث تقوم العصابات الإجرامية، وعبر تلك الحدود، بالمتاجرة بالمخدرات والسلاح والمواطنين الأفارقة اليائسين، والتواقين لإيجاد ملاذ في منظمات «الصليب الأحمر» في أوروبا لتأمين الحماية لهم. إضافة لما يشهده إنتاج النفط من تراجع. فقد هبط الإنتاج من حوالي (1.6) مليون برميل نفط يومياً، إلى (150,000) برميل في اليوم الواحد..
حرب ليبيا.. لم تكن «إنجازاً متقدماً»
لقد كُلِّفت الحكومة بصياغة دستور جديد، قبل نهاية دورتها في 7 شباط، وهو موعد المواجهة مع خصمها (المجلس الوطني العام). بينما قاطعه «الإخوان المسلمون» المهيمنون على المعارضة، وكذلك فعل عدد من المشرعين جراء خلافات حول الدستور، وذلك لإسقاط الحكومة.
وقد جعل ذلك الواقع من مهمة إقرار الميزانية مهمة مستحيلة. فمع وجود حوالي ربع مليون مقاتل ينتمون إلى مئات الميليشيات، غير المضبوطة على جدول رواتبها، فإن الحكومة سينفذ منها المال اللازم  لدفع المعاشات والأجور مع نهاية العام الجاري. وهي غير قادرة، أصلاً، على تأمين معظم الخدمات الأساسية. كما تعاني ثلث القوة العاملة، على الأقل، من البطالة.
هذا وقد قام المئات من المواطنين، وتحت راية «حركة 9 من تشرين الثاني»، بالاحتجاج الأسبوع الفائت في طرابلس، وعدد من المدن الأخرى، مطالبين بعدم تمديد وصاية «المجلس الوطني العام» إلى مابعد السابع من شباط.
وهذا ما دفع رئيس الوزراء الليبي للتحذير من إمكانية «تدخل لقوات الاحتلال الأجنبية»، بحجة حماية المدنيين تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وذلك بسبب «عدم قدرة المجتمع الدولي على تحمل دولة، في وسط المنطقة المتوسطية، تكون مصدر للعنف والإرهاب والجريمة»، تلك كانت الذريعة ذاتها التي اتخذتها قوات الناتو للتدخل الذي سبب الكارثة في بادئ الأمر. إن تحذير «زيدان» ينبئ بإمكانية عودة قوات الناتو إلى ليبيا. لكن الانهيار المتسارع لنظام «زيدان» الهش يدحض أي محاولة، من إدارة «أوباما»، لتصوير حرب الـ2011 لتغيير النظام في ليبيا على أنها إنجاز متقدم.

فرنسا.. أول الراغبين بالتدخل

كانت تدار كذلك حملة لنهب ليبيا، وتقسيم مواردها بين الولايات المتحدة والإمبريالية الأوروبية. إن ثورة في ليبيا والمنطقة من الممكن أن تنبثق، فقط من خلال صراع موحد للطبقات العاملة، والجماهير المقموعة لشمال إفريقيا، ضد التدخل الإمبريالي، والمدافعين عنه من «اليسار» المزيف.
وقد أنفقت ألمانيا، وحدها، 25 مليون يورو (34 مليون دولار) في ليبيا، منذ خريف عام 2011. ومعظم تلك المبالغ كانت مكرسة لتدمير الأسلحة والمناجم، مع 2,3 مليون يورو ذاهبة إلى المنظمات غير الحكومية لـ «دعم الديمقراطية والمجتمع المدني»..
وترغب فرنسا بالتدخل على الأرجح، فقد صرح وزير الخارجية «لورانت فابيوس»، في الأسبوع الفائت وعلى هامش مؤتمر «أمن الحدود الإقليمية» في العاصمة المغربية، الرباط، بأن فرنسا كانت تنظر بشأن منح ليبيا المزيد من المساعدات لمحاربة الإرهاب، بما فيها تدريب المزيد من رجال الشرطة. كما جاء في تصريح  فابيوس: «إن تحركنا  في مالي كان مذهلاً، إلا أننا نحتاج أن نتابع لكي نكون هناك من أجل الشعب المالي، وكذلك الليبي والمنطقة بأسرها».

عن موقع «غلوبال ريسيرتش» بتصرف