«البشير- كير».. الرئيسان السعيدان!
مراد جاد الله مراد جاد الله

«البشير- كير».. الرئيسان السعيدان!

«تبدأ عشائر (دينكا نقوك) في السودان استفتاءها يوم 27 أكتوبر/تشرين الاول، بشأن تبعية منطقة «أبيي» الحدوديةِ، المتنازعِ عليها بين السودان وجنوب السودان«. هذا ماتناقلته وسائل الإعلام عن حال السودان اليوم!

تقول التقارير الإعلامية أيضا إن تاريخ المشكلة يعود إلى عام 2005، حيث أن اتفاق السلام، بين شمال السودان وجنوبه، لم يحسم وضع هذه المنطقة المتنازع عليها. ومع انفصال الجنوب، راحت قبائل «الدينكا»، التي تسكن «أبيي» والتي تعتبر الأصل لمعظم سكان الجنوب، تطالب باستفتاء لتحديد المصير!
«آبيي».. شمالاً أم جنوباً؟!
على وقع المظاهرات التي تصاعدت أعدادها، على خلفية رفع أسعار الوقود، وما تلاها من نشاط سياسي وقمع وتعنت من الحكومة السودانية، يزور البشير جوبا، عاصمة الجنوب، محاولاً اللحاق ببقايا شماله. ويقول البشير من جوبا، يوم الاثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول: «إنه تم الاتفاق على تشكيل الشرطة والمؤسسات المدنية الانتقالية المشتركة في أبيي، مؤكداً أنه اتفق مع سلفاكير على بذل المزيد من الجهود لبناء الثقة وتوفير مناخ يسمح بإطلاق تعاون في المنطقة الحدودية بين البلدين، ولإقامة منطقة أمنية منزوعة السلاح«.
لم يعد البشير قادراً على إنجاز أي تقدم في أوضاع البلاد. فأبيي ذاهبة إلى استفتاءٍ، يرجح المراقبون أن تكون نتيجته لمصلحة الانفصال باتجاه الجنوب. لكن ما الفرق؟ ففي ظل النظام السوداني بشقيه «البشير- كيير» تظهر المعارك السياسية في أغنى بلدان أفريقيا، قمة في العبث، فالرئيسان يلتقيان ويختلفان، ثم يتفقان، بكلِّ سعادة، على تفتيت البلاد!.
حراكات سياسية والشيوعيين في الشارع
ما يبشر حتى اللحظة هو أن الحراك الشعبي في السودان، وتحديداً في الشمال، مبني وبشكل واضح على قضايا اقتصادية - اجتماعية، ما يضعف حجج نظام الإخوان في السودان باتهامه بالمؤامرة أو ماشابه، رغم قيام البشير بإطلاق صفة العمالة على المحتجين. ولكن الأمور المتصاعدة هناك باتت تشهد تبلورات جدية على مايبدو، فآخر ماحرر هو إعلان مجموعة من المعارضين في حزب المؤتمر الوطني، الحاكم في السودان، يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول، نيتها تشكيل تيار سياسي جديد، وتضم المجموعة غازي صلاح الدين العتباني، المستشار السابق للرئيس عمر البشير وثلاثين آخرين، ويأتي هذا الإعلان بعد يومين من توصيات لجنة من حزب المؤتمر الحاكم بطرد المنشقين عن الحزب، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام.
هذا وقد شهد الحراك الشعبي في السودان تواجداً بارزاً للحزب الشيوعي السوداني، ففي وقت سابق، قال مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، الفريق أول محمد عطا المولى: «إن الحزب الشيوعي يلعب دوراً بارزاً في التحريض في المرحلة التي تلت (الإصلاحات) الاقتصادية بالبلاد«. وبدوره، رفض الحزب الشيوعي السوداني دعوة النظام للحوار قائلاً: «دعوة حزب المؤتمر الوطني الحاكم للأحزاب السياسية المعارضة، للاجتماع معه والأحزاب التابعة له، هي بعيدة عن ما يجري في الواقع السياسي الآن، وفاتتها الأحداث. لقد دعا الحزب الشيوعي السوداني لعقد مثل هذا الاجتماع منذ سنوات...، إلا أن الحزب الحاكم رفض ذلك جملة وتفصيلاً..«.
سيستمر الحراك السوداني، لاشك في ذلك، لكن ماسُبق به الحراك المنتفض على الوضع الاقتصادي والسياسي، من حالة تقسيم، ستضاعف من مهمات الحركة الوطنية السودانية. فهي لم تعد مطالبة بتغيير الأنظمة في شطري السودان وحسب، بل باتت محتاجة لرؤية وحدوية وطنية ناضجة، تقطع الطريق على كل القوى التي أضعفت السودان، وجعلته عرضة لهلاك النزعات الانفصالية وواقع الاستبداد والفقر.