قـمـة العشرين: ميل متصاعد لدور «البريكس» وتراجع الحلفاء التقليديين
«الصبّي المنسي في المقعد الأخير بالصف» هكذا يصف الإعلام الأمريكي حال الرئيس الأمريكي في قمة «دول العشرين G20» المنعقدة يوم الخميس في سان بطرسبرغ في روسيا.
مجموعة «دول الـ20 الكبار» التي تمثّل ثلثي سكّان العالم و90% من الناتج العالمي تفعّلت منذ عام 2008 عندما وصلت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى حدود انهيار الاقتصاد العالمي، يومها كانت الضرورة تفرض أن تشارك القوى الاقتصادية الصاعدة في صناعة القرار الاقتصادي العالمي بعد أن احتكرته لزمن طويل مجموعة «دول الـ8 الكبار».
انقسام بين الحلفاء التقليديين
اليوم وفي قمّة سان بطرسبرغ العديد من الملفات الاقتصادية الجوهرية التي تختلف عليها آراء المشاركين، والانقسام الأوضح هو حول الملف السوري والعدوان الأمريكي المعلن.
التغطية الإعلامية عموماً تعاطت مع الانقسام حول العدوان الأمريكي والملف السوري من منطلق «القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية» لقادة الدول الذين دعوا بمجملهم إلى العقلانية وترك الخيار العسكري، لكن في الواقع فإن الدول التي لطالما كانت في خندق الأمريكيين هي اليوم تواجه أصعب الأزمات الاقتصادية وتحركات الشعبية، وهي أبعد ما يكون عن الوضع المناسب للتحرك العسكري الذي تدعو إليه الولايات المتحدة، نقصد تماماً دول الاتحاد الأوروبي والتي تتعرض لأزمة اقتصادية تهدد «وحدة أوروبا الاقتصادية» جدياً.
قبل قمة «مجموعة الـ20» صرّح «هرمان فون رومبوي» رئيس الاتحاد الأوربي أنه لا وجود للحل العسكري في الأزمة السورية، وما تزال الجهود السياسية هي الوحيدة القادرة على الحل، وأن أعضاء الاتحاد «يحترمون» الدعوات للتحرك تجاه استخدام الأسلحة الكيميائية، لكن الأمم المتحدة تبقى هي الإطار الوحيد للعمل الدولي والضرورة تفرض ذلك..
على هامش القمة
نائب وزير المالية الصيني «زو غوانغ ياو» حذّر من مخاطر أية عدوان عسكري التي ستؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي خاصة على أسعار النفط التي حتماً ستشهد ارتفاعاً خطيراً في حال تنفيذ الضربة.
أما «ريستو بانتيلا» رئيس المجلس الفنلندي للتجارة فقد علّق على «قمّة الـ20 الكبار»:«لن نتذكّر هذه القمة لقراراتها في تنظيم العمالة والاستثمار، بل سنتذكرها بواقع أنها أخذت مكان مجلس الأمن في القرار السياسي العالمي، فالقوى الاقتصادية الصاعدة، دول «البريكس» خاصة، تفرض اليوم وزنها السياسي على مستوى العالم بعد أن فرضته سابقاً اقتصادياً».
وفي سياق متصل فقد أعلنت دول «البريكس» على هامش القمة عن تشكيل صندوق للاحتياطات النقدية بحجم أولي 100 مليار دولار، هذا الصندوق الذي يمثّل عملياً المنافس القوي لصندوق النقد الدولي سيئ الصيت.
لقد ولدت مجموعة العشرين كحل إصلاحي للنظام الرأسمالي العالمي لأجل الحفاظ على توازناته، إلا أن الواقع يؤكد حتى اللحظة أن انزياحات تدريجية تُغير مراكز القوى على الصعيد العالمي باضطراد ملحوظ.