ليبيا التوافق المفقود.. وحرب السلطة والثروة
انهار جهاز الدولة الليبي سريعاً تحت ضربات غزو الناتو وسادت فوضى السلاح، ليأتي خلفاء الناتو من سياسيين ليبيين ليعيدوا الصراع الاجتماعي إلى أكثر أشكاله تخلفاً، فمع غياب أي إطار تنظيمي ومع انتشار السلاح والفوضى تصبح البندقية هي أداة حل الصراع في ظل حل الجيش الليبي وعدم اكتمال تكون الدولة.
هشاشة جهاز الدولة الليبي تاريخياً واعتماده على تحقيق توافق آني في مسائل توزيع الثروة والسلطة بين القبائل الليبية المختلفة كرس من خلالها القبائلية على حساب الدولة ومؤسساتها، ليصبح هذا الشكل من التوافق غير الدائم والموتّر اجتماعياً القاعدة، ويصبح التوزيع العادل للثروة بهدف تحقيق التنمية والخلاص من الفوالق القبائلية هو الاستثناء.
فوضى السلاح
يلوذ اليوم أكثر من 400 ألف مسلح ضمن تشكيلات كبرى مثل قوات «درع ليبيا الغربية» في بنغازي وما يسمى «الجيش الوطني» التابع للحكومة في طرابلس وتشكيلات صغيرة ضمن الأرياف والقرى، ويستمر الصراع على الثروة النفطية لتدخل ليبيا دوامة من العنف يبدو أنها خرجت عن السيطرة. كما تراجع دور الإخوان المسلمين الذين وُضعوا في واجهة المشهد السياسي بعد الغزو، وتشهد مدينة بنغازي حالات فلتان أمني بسبب الصراع الناشئ بين القوة السياسية والقبائل.
تسيطر كتائب «درع ليبيا» الجناح العسكري للإخوان المسلمين على المناطق الممتدة من جبل الزاوية حتى بنغازي، وتتنافس بهذه السيطرة مع «قوات الصاعقة» وهي من فصائل الجيش الوطني التابع للحكومة، حول مناطق النفوذ وخاصة مدينة «سرت» التي يوجد فيها حوالي 70%من النفط الليبي، وتستحوذ قبيلة حمدان التي ينتمي لها وسام بن حميد قائد كتائب «درع ليبيا» على كامل الثروة النفطية ما دفع المئات للخروج ضدها، وتدخلت قوات الصاعقة التابعة للحكومة المؤقتة برئاسة علي زيدان وقامت بالسيطرة على كتيبة الدرع في بنغازي منتصف الشهر الحالي وبدأت ترتفع الأصوات للتخلص من ظاهرة الميليشيات.
اغتيالات..وحكومة عاجزة
يعد عبد السلام المسماري الناشط السياسي الذي اغتيل الجمعة 26 تموز من أبرز المطالبين بحل المليشيات، كما اغتيل ضابطان في الجيش الليبي على يد مجهولين في مدينة بنغازي في اليوم نفسه، ليخرج المئات في عدة مدن ليبية للتنديد بعمليات الاغتيال وحالات الإنفلات الأمني والمطالبة بحل المليشيات.
من جانبها قالت الحكومة برئاسة علي زيدان إنها سترسل 19500 شاب للتدريب في أوروبا على حساب الحكومة الليبية، كما أن الغرب المعني بنهب الثروة النفطية، بدأ بالتحرك فعلياً لتأمين حماية مباشرة لما ينهبه من النفط، حيث قال وليم هيغ وزير خارجية بريطانيا إن بريطانيا ستدرب ألفي عسكري ليبي في إطار خطة صدرت عن اجتماع قمة الثماني في إيرلندا لتدريب سبعة آلاف عسكري ليبي.
ومع تعقد الوضع الليبي وضياع الشعب بين شتى أشكال المليشيا، يكون الحل الوحيد هو العمل على توحيد الشعب الليبي المتضرر من هذه الحالة ضد الوجود الأجنبي وضد المليشيا العميلة للغرب.