أرباح «وول ستريت» توسِّع الانقسام الاجتماعي
على الرغم من الأثر الذي خلّفته خمس سنوات من البطالة الجماعية، استمرّت أرباح أكبر المصارف الأميركية بالازدياد، في الربع الثاني من هذا العام. وقد أدى الاقتصاد الراكد، والتقشّف القاسي في النفقات الاجتماعية، إلى ارتفاع إضافي في معدلات الفقر والتشرد والجوع.
المصارف الكبرى:
أرباح مضاعفة
أعلن «غولدمان ساكس»، خامس أكبر مصرف أميركي من حيث الأصول، أنّ أرباحه في الربع الثاني من هذا العام قد تضاعفت عن العام الماضي، ووصلت إلى 1.93 مليار دولار، وذلك عقب تصريح «ج.ب.مورغان شايس» و«ويلز فارغو»، وهما أكبر ورابع أكبر المصارف الأميركية على التوالي، عن أرباحٍ قياسية استطاعا تحقيقها. حيث حقّق «ج.ب.مورغان» 1.6 مليار دولار في الربع الثاني، بازديادٍ بلغت نسبته 32% عن العام الماضي، في حين كان «ويلز فارغو» قد حقق 5.27 مليار دولار، بازدياد بلغت نسبته 20% عن العام المنصرم. هذا ومن المتوقع أن يحقّق «ج.ب.مورغان شايس» 25 مليار دولار أرباح هذا العام، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان، وهو البلد الذي يصل عدد سكّانه إلى 30 مليون نسمة!
أمّا «سيتي غروب» و«بنك أوف أميريكا»، اللذان تمّ إنقاذهما من الحكومة، فقد وصلت قيمة أرباحهما معاً إلى 90 مليار دولار، محقّقين بدورهما ازدياداً هائلاً في الأرباح.
المدراء التنفيذيون..
القطط السمان
ارتفعت الدفعات التي يتلقاها المدراء التنفيذيون للمصارف أيضاً، فقد تلقى «جون ستامبف» من «ويلز فارغو» مبلغ 19.3 مليون دولار عام 2012، بازدياد بلغ نسبة 7.8% عن العام السابق، وتلاه «جيمي دايمون» من «ج.ب.مورغان شايس»، والذي حصل على 18.7 مليون دولار، ثم «لويد بلانكفين» من «غولدمان ساكس» وقد حصل على 13.3 مليون دولار.
إن الإثراء الواسع للمدراء الماليين لا يقتصر إطلاقاً على الولايات المتّحدة. فكانت السلطات المصرفية الأوروبية قد صرحت، في وقتٍ سابق، أنّ أكثر من 3000 موظّف في القطاع المالي الأوروبي جنوا أكثر من 1.3 مليون دولار عام 2011.
وكذلك، لا تقتصر المدفوعات التنفيذية الشاسعة على الشركات المالية، فوفقاً لتحليل أجرته شركة «إيكيلار» لصحيفة «وول ستريت»، فإن المدراء التنفيذيين لـ 200 شركة أمريكية، والذين تتخطّى عائداتهم 1 مليار دولار، قد ارتفعت رواتبهم بنسبة 15% عام 2012، مع متوسط دخل وصل إلى 15,1مليون دولار.
الحكومة تتقشّف..
لمصلحة البنوك ضد الفقراء
نتج عن خطّة العشر سنوات، لخفض النفقات تلقائيّاً، إجازات غير مدفوعة لمئات الآلاف من الموظفين الحكوميين، وتضمّنت تخفيضات واسعة في مساعدات السكن والتعليم، فضلاً عن تخفيضات من 15 إلى 20% في إعانات البطالة لمليوني شخص. خفض النفقات هو البداية فقط. ففي الأول من تمّوز، تضاعفت معدّلات الفائدة على القروض الحكومية للتّعليم الجامعي، التي تعطى بشكل إنتقائي لذوي الدخل المنخفض والمتوسّط، لترتفع من 3.4 % إلى 6.8%، ارتفاعٌ وقع تأثيره على ما يقارب 7.5 مليون طالب.
وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، قالت إدارة أوباما أنّها ستؤجّل لسنة واحدة، تنفيذ شرط قانوني، كجزء من إصلاح الرعاية الصحية للشركات مع 50 موظّفاً أو أكثر، بدوام كامل لتوفير التأمين الصحي. في الوقت نفسه، فإنّ الإدارة الأمريكية والكونغرس يعملان لخفض مئات المليارات من الدولارات من الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية في الجولة المقبلة من نقاشات الموازنة. وفي «ديترويت»، أعلن مدير الطوارىء «كفين أور» الشهر الماضي عن خطّة للقضاء على المعاشات التّقاعدية والفوائد الصحية لجميع العاملين، الحاليين والمتقاعدين في المدينة، داعياً للتخلّص من 9 مليارات دولار من الفوائد دفعة واحدة..
تكذِّبُ أرباحُ «وول ستريت» المتزايدة، وحزم الأجور الضخمة للمصرفيّين، الادّعاء بعدم وجود المال الكافي لتأمين الحاجات الاجتماعية الأساسية. ويتم التعاطي مع واقع الإثراء الفاحش للنخبة المالية، وسط فقر جموع الناس، من الإعلام والسياسيين، الجمهوريين والديموقراطيين، بشكلٍ سطحي، فالمؤسسة السياسية برمّتها تقع تحت سيطرة مصرفيي «وول ستريت».
عن غلوبال ريسرش