أزمة الأطراف.. تركيا نموذجاً
أدى ضعف المركز الغربي الاستعماري والتراجع الأمريكي في المنطقة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تراجع الأنظمة التي تعمل كمخدم للمركز في هذه الدول، وكانت أكثر الأشكال وضوحاً لهذا التراجع الحراك الشعبي الواسع في كثير من الدول التي تضررت بفعل الأزمة،
فقد استطاع هذا الحراك فتح الأفق أمام القوى الثورية لإنجاز الثورة والتخلص من هذه الأنظمة.
هشاشة البناء الليبرالي في الأزمات
فمع أول موجة احتجاجية هربت رؤوس الأموال، حيث كشف محافظ المصرف المركزي التركي أرديم باشتشي أن حجم الأموال التي خرجت من الأسواق التركية منذ بداية أيار تقارب 8 مليارات دولار أغلبها من أسواق النقد، بدورها تأثرت البورصة التركية كثيراً بسبب الأحداث، ووصلت إلى أدنى قيمة لها في العام الحالي، بعدما تراجعت مؤشرات أسعار الأسهم بنحو 15 % بعد الاحتجاجات.
ورغم أن أزمة مشروع ميدان «تقاسيم» وأسلوب السلطة الحاكمة في التعامل مع الاحتجاجات الرافضة للمشروع برزا وكأنهما المفجر لتوسع الحركة الاحتجاجية، لكن انتشار المظاهرات في عدد من المدن التركية، منها اسطنبول وأنقرة وهاتاي وأزمير وانطاكية والعديد من المدن الأخرى، وخروج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع، كشف عن أن أزمة حزب «العدالة والتنمية» والتي تؤشر على أزمة النظام بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي.
القمع أداة الليبرالية المأزومة
هذا وقد تجاوزت أعداد المعتقلين نحو 3000 معتقل وارتفع عدد ضحايا الاحتجاجات الكلي إلى 5 قتلى بينهم شرطي ونحو 7 آلاف و500 مصاب. ورغم لقائه بوفد من المتظاهرين إلا أن أردوغان دعا المحتجين المعتصمين في حديقة غازي بوسط اسطنبول إلى مغادرتها، وحذرهم من أن منظمات وصفها بـ«غير شرعية» و«إرهابية» تستغلهم للتستر على أعمالها التخريبية والعنيفة وكراهيتها!!.
وفي سياق متصل وبعد أن بدا الرئيس التركي عبد الله غول ميالاً إلى الحوار مع المتظاهرين، عاد ليلتزم مواقف أردوغان، وتحدث غول الأربعاء 12 حزيران، بعد يوم من إطلاق شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لأكثر من 18 ساعة بلا انقطاع، لإخلاء ميدان «تقاسيم» قائلاً: « إن من خرجوا إلى الشوارع في احتجاجات عنيفة مسألة أخرى»!
في ظل هذه التطوارت يبدو النظام التركي مأزوماً كونه أحد الأنظمة الأشد ارتباطاً بالمراكز الرأسمالية التي تعاني اليوم، وبعد التراجع الأمريكي، من مواجهة مفتوحة مع حراكات شعبية تسير في أفق ثوري مفتوح.