تأخر رواتب موظفي التربية للمرة الثانية وسط غياب رسمي غير مبرر... والمواطن كبش الفدا!
منية سليمان منية سليمان

تأخر رواتب موظفي التربية للمرة الثانية وسط غياب رسمي غير مبرر... والمواطن كبش الفدا!

يعاد سيناريو تأخير صرف رواتب الموظفين في قطاع التربية للشهر الحالي أيضاً (كانون الأول) بلا موعد محدد أو توضيح رسمي يثلج قلوب المنتظرين، بعد التأخير الحاصل الشهر الفائت.

15 يوماً من الانتظار، إنه ليس مجرد رقم يعنوِن الأخبار والمقالات الصحفية الناقدة لإخفاق لوجستي عابر، أو حالة طارئة لخلل تقني ما، في تطبيق «شام كاش»، بل يكشف عن تخبط إداري فاضح في ملف رواتب العاملين في مؤسسات الدولة، التي يبدو أنها تبذل جهوداً حثيثة لمضاعفة معاناة المواطن نفسياً وجسدياً ومعيشياً وكأنها تتفضل عليه بحقه ومستحقه، خصوصاً أنها ضربت بنظرية التحول الرقمي وآلية الدفع الإلكتروني عرض الحائط لتعود إلى «كوات» مؤسسة البريد المزدحمة ذات البنية التشغيلية المحدودة والتعامل النقدي المقيت، فقد حلفت «يميناً» لاستمرار المنغصات اليومية لحياة جميع المواطنين!

أين الخلل؟


الوعود الحكومية لا تضجر من رسم الأمل بانفراج قريب يقلب الموازين ويحسن معيشة للمواطن وتعاد له حقوقه وكرامته.
 نعم الكرامة!
الكلمة التي توقظنا من هذا الحُلم الذي لم ولن يخرج من إطار الوعد ولن يتحول إلى واقع حقيقي يوماً، ليس لأنه مستحيل، بل لأنك مواطن في بقعة جغرافية محكومة بسياسات ارتجالية فاشلة وتخبطات تطال جميع مفاصل الدولة.
فها هو الشهر الثاني على التوالي والموظفون في قطاع التربية في جميع المحافظات بلا رواتب حتى تاريخه، وها هو التحول الرقمي غير المجدي منذ اعتماده بأعطاله المتكررة لم يدم طويلاً، وعاد المواطن للوقوف في طوابير الذل مجدداً والانتظار ساعات طويلة أمام «كوات» البريد وسط ازدحام شديد واختناقات مع المتقاعدين، والجميع ينتظر أملاً في استلام أجره الشهري.
هذا المشهد يتكرر دون وجود تصريح رسمي يفسر سبب التأخير أو يحدد موعداً واضحاً، فالخلل متأصل وينتقل بالعدوى من شهر إلى آخر «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت!»

التبعات


في خطوة وصفت بالإيجابية لتخفيف الأعباء عن المتقاعدين وتيسير إجراءات استلام رواتبهم الشهرية، أطلقت المؤسسة السورية للبريد بالتعاون مع المصرف العقاري خدمة جديدة، تسمح لهم باستلام رواتبهم مباشرة من الصالة المركزية للمؤسسة أو منافذها الأخرى ليشمل ذلك جميع المحافظات.
وإن كان الهدف إيجابياً إلا إنها خطوة غير مدروسة لبينة المؤسسة غير المجهزة في ظل كادرها المحدود والطاقة الاستيعابية الضعيفة، مما ضاعف المعاناة وزاد الازدحام والتدافع أمام منافذ المؤسسة، مع المشكلة الحالية الطارئة لرواتب موظفي قطاع التربية والتي قد تستمر أشهراً، نتيجة قرارات ارتجالية متسرعة تعكس سوء التقدير والإدارة، وحلول مؤقتة وإهمال رسمي فاضح بالالتزام بحماية حقوق المواطنين وتأمينهم مالياً، وتركهم أمام نظام مالي عاجز، يبدو أنه بات رهن مساعدات ومنح مالية خارجية (الحقيقة المُرّة)!

المواطن يدفع الثمن


يبدو أن الجهات المعنية لم تأخذ في عين الاعتبار أن كل تأخير، يكبد الموظف عبئاً مالياً واضطراراً للاستدانة لسد رمق العيش منتظراً أجراً فقد قيمته المعنوية والمادية قبل استحقاقه لضآلته، ناهيك عن الانتظار لاحقاً في طابور يمتهن سلب الكرامة وساعات تُترجم لإرهاق جسدي ونفسي وتكلفة مواصلات في حال تكرار مغامرة استلام الراتب أو محاولة استلامه في هذه الأجواء الباردة كقرارتهم مسلوبة الرُشد والحكمة.


إلى متى، ومن المسؤول؟! 


ما جرى من تأخير، دون تبرير أو الإعلان عن موعد، يعكس أيضاً خللاً في التواصل المؤسسي مع غياب واضح لتقدير معاناة الموظف والمتقاعد (الفئة الضعيفة بدنياً ومادياً) أيضاً.
من المفترض أن يكون التعامل مع ملف الرواتب بمنتهى الحساسية والمسؤولية، فهي (على ضآلتها ومحدوديتها) مصدر حياة لآلاف الأسر، والمطلوب مراجعة جادة لآليات الصرف، وخطة زمنية واضحة ومحددة بمواعيدها، مع تواصل فعال وشفاف وظهور رسمي يفسر ما حصل وما سيحصل، فهذا التوضيح حق لكل مواطن معرفته وذلك على أقل تقدير، علماً أن الرواتب لم تُصرف حتى تاريخ إعداد هذه المادة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1256