مهرجانات ومبادرات «الضحك ع اللحى»!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

مهرجانات ومبادرات «الضحك ع اللحى»!

هل وصلتكم أنباء مهرجان «الغالي بيرخص لكم»، أو مهرجان «خيراتك يا شام»، أو مهرجان التسوق الشهري في صالة الجلاء في دمشق، أو غيرها من المبادرات التي يجري تسويقها على أنها تصبّ في مصلحة المستهلكين؟

وهل تعلمون أن جملة المبادرات أعلاه تعتبر من «ثمار» الاجتماع الحكومي مع رؤساء غرف الصناعة والتجارة تحت عنوان «تأمين السلع والمنتجات بأسعار مناسبة وضبط الأسواق»، الذي عقد بتاريخ 30/6/2020؟!

الحديث الرسمي

تركز اجتماع الحكومة المشار إليه أعلاه، بحسب ما ورد على الموقع الرسمي، «على تأمين السلع والمنتجات بأسعار مناسبة عبر إيصالها من المنتج إلى المستهلك مباشرة، وتقليص الفارق بين سعر الكلفة وسعر المبيع في الأسواق لمساعدة المواطن على مواجهة المصاعب المعيشية».. «ودعم المبادرات التي تسهم في الحد من تقلبات سعر الصرف وزيادة فاعلية الدور الاجتماعي للغرف».. «وناقش المشاركون في الاجتماع مسألة ارتفاع الأسعار وسبل ضبط الأسواق وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بعيداً عن الاحتكار والتأكيد على التجار لتخفيض أسعار المواد الأساسية وبيعها بهامش ربح بسيط».
وبحسب ما ورد في الموقع أيضاً: «أطلق اتحاد ورؤساء غرف التجارة مبادرة لتخفيض أسعار المواد الأساسية، وبيعها للمواطن بنسبة ربح مقبولة، تراعي تكاليف الإنتاج والقوة الشرائية للمواطنين».
على إثر الاجتماع أعلاه، عقد بتاريخ 6/7/2020 اجتماع آخر جمع كلاً من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك مع رؤساء وأعضاء غرف التجارة السورية، وذلك لوضع البرامج التنفيذية لما تم طرحه أثناء الاجتماع الذي عُقد مع رئيس مجلس الوزراء، وقد خلص الاجتماع، بحسب ما رشح عبر بعض وسائل الإعلام، إلى النتائج التالية:
- الإعلان عن إقامة مهرجان تسوق- تخفيض أسعار- اعتباراً من يوم الاثنين 13/7/2020 لمدة أسبوع كامل، في كافة المحافظات، وذلك بالتنسيق بين الوزارة والاتحاد وغرف التجارة في المحافظات، بحيث يتم تطبيق تخفيضات حقيقية على أسعار كافة السلع في المحلات، ويحصل كل مشارك في هذا المهرجان على بطاقة مشارك من خلال غرفته ممهورة بخاتم الغرفة وبرقم متسلسل يعتمد لهذه الغاية، على أن تقوم وزارة التجارة الداخلية بالتنسيق مع الاتحاد بتقديم كافة التسهيلات للسادة أصحاب المحلات المشاركين في المهرجان.
- الإعلان عن تنظيم مهرجانات تسوق موسمية في المحافظات كـ»مهرجان العيد» الذي سيقام في نهاية شهر تموز الحالي، يليه مهرجان «العودة إلى المدارس» المتخصص بالقرطاسية ومستلزمات المدارس يُقام بنهاية شهر آب القادم، على أن يجري التنسيق بين الوزارة والاتحاد لإقامة هذه المهرجانات.
- إقامة مهرجانات بيع مباشر للمواد الغذائية في أماكن ملائمة في كافة المحافظات، بالتنسيق بين الوزارة والاتحاد وغرف التجارة السورية واتخاذ كافة الترتيبات اللازمة لذلك بالسرعة الممكنة.

قوى السوق والواقع الفعلي

المقارنة بين ما ورد خلال اجتماع الحكومة وفقاً للعناوين العريضة حول توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين بعيداً عن الاحتكار، وتقليص الفارق بين سعر الكلفة وسعر المبيع في الأسواق، ومراعاة القوة الشرائية للمواطنين، وبين البرنامج التنفيذي الذي جرى اختصاره عبر بعض المهرجانات التسويقية المكانية والموسمية فقط، ربما تعطينا فكرة عن جدية تفاعل قوى السوق مع الاجتماعات الحكومية، بما يخص مصلحة المواطن عموما،ً والمستهلك خصوصاً، وما يتخذ خلالها من قرارات وتوجهات وتوصيات!
لقد كان من المفترض مثلاً أن تتم ترجمة العناوين العريضة أعلاه من خلال عمل كافة الأسواق والمحال التجارية والمولات بعلاقتها المباشرة اليومية مع حاجات الاستهلاك، مواصفةً وجودةً وسعراً!
لكن واقع الحال يقول: إن ما يجري هو إعادة استثمار هذه العناوين من أجل جني المزيد من الأرباح، مع مزيد من البهرجة والدعاية، للمهرجانات والمبادرات، التي تكلف إنفاقاً إضافياً يتم تعويضه من جيوب المستهلكين من الناحية العملية وبالنتيجة النهائية، خاصة مع علمنا أن هذه المهرجانات تقوم عليها استثماراً شركات خاصة أيضاً غايتها جني الأرباح أولاً وآخراً!

«خورفة ع البيعة»!

جميع المبادرات والمهرجات التي جرت سابقاً، أو التي ستقام لاحقاً، لم ولن يلمس المواطن المستهلك خلالها تلك الفروق في الأسعار، في ظل تغوّل قوى السوق وقوتها، تحكماً بآلياته ناحية المواصفة والجودة والكم والسعر، وبهوامش الربح العادية والمضافة والاحتكارية، وبوابات الاستغلال الكبيرة المشرعة فساداً، بل ربما تكبد جرّاءها إنفاقاً إضافياً لقاء بدل المواصلات أيضاً!
وبهذا الصدد، نورد ما قاله أحد المتورطين بذهابه إلى أحد مهرجانات التسوق: «الله وكيلك كلو ضحك ع اللحى.. الأسعار هية هية تقريباً ما فرقت عن السوق.. لأ وبالسوق في مواد وسلع بمواصفات وسعر أفضل بس ما بتلاقيها بهيك مهرجانات.. يعني كأنها لتصريف البضايع اللي مو رايجة.. وفوقها تخورفت بأجرة تكسي كمان»!

معلومات إضافية

العدد رقم:
976
آخر تعديل على الإثنين, 27 تموز/يوليو 2020 15:17