«#10yearchallenge» للمستقبل أجدى
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

«#10yearchallenge» للمستقبل أجدى

تقليعة جديدة اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و»تويتر» وغيرها، تحت عنوان «تحدي العشر سنوات»، «#10yearchallenge»، غايتها الشكلية هي مقارنة المتغيرات في الملامح على المستوى الفردي، من خلال وضع صورتين شخصيتين، الفارق الزمني بينهما عشر سنوات، لتبيان تأثير عامل الزمن.

وبعيداً عن الخوض في التفاصيل والغايات الحقيقية لمثل هذه التقليعات، البعيدة عن البراءة من قبل مبدعيها ومستثمريها، حيث قيل الكثير حولها اعتباراً من كونها مصدراً للترفيه فقط، وليس انتهاءً باعتبارها تتيح المجال لتطوير «خوارزميات» برمجية مجهولة البداية والنهاية بالنسبة لعموم المستخدمين، مع توسيع احتمالات استخدامها لغايات أمنية أو تجارية تسويقية، وهي بذلك حالها كحال التقليعات المشابهة، فقد طغت على التقليعة الجديدة الكثير من فنون السخرية والتهكم، والتي لم تقتصر بمحتواها على الصور الفردية فقط، بل تعدتها لمتغيرات تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية والتاريخية والجغرافية والطبيعية والبيئية، كما لم يسلم منها الكثير من الشخصيات المعروفة على المستوى السياسي والثقافي والفني و...
وكما العادة مع مثل هذه التقليعات، فقد انخرط الكثير من الناس فيها، بما فيهم الكثير من المشاهير، فنانين وسياسيين ورياضيين وغيرهم، مما زاد من التشجيع بالانخراط فيها، وقد كان للسوريين حصتهم بالمشاركة فيها، بما في ذلك اعتبارها وسيلة جديدة للتهكم والسخرية، اعتباراً من المحتوى والمضمون الشخصي والفردي لهذه التقليعة، وليس انتهاءً بالمستويات العامة سابقة الذكر أعلاه، على الرغم من كل المآسي والويلات التي تعرض لها السوريون خلال السنوات الماضية، والتي كانت لها الحصة الأكبر كتكثيف للمعاناة والمأساة التي فُرضت عليهم وعاشوها.
مآسٍ في صور
الكثير من السوريين، داخلاً وخارجاً، اقتصر انخراطهم بهذه التقليعة على الصور الشخصية، غير عابئين بكل ما قيل عن احتمالات الاستخدام والاستثمار لهذه التقليعة من قبل مسوقيها ومروجيها، أمنياً أو تجارياً، خاصة بعد كل ما عانوه وكابدوه على المستويات كافة، وعلى الرغم من ذلك فقد كان في بعضها الكثير من الألم لما آل إليه حالهم خلال عشرة أعوام، وخاصة لمن تعرض للإصابات خلال سنوات الحرب وبنتيجتها.
فلا غرابة بمشاهدة تأثير عامل الزمن على من فقد عينه، أو أحد أطرافه، أو من تعرض للتشوه، أو من أصبح مُقعداً على كرسي متحرك، في تعبير حقيقي لمفردة «التحدي» المرفقة بالتقليعة، ناهيك عن التأثيرات المفروغ منها لعامل الزمن على مستوى زيادة التجاعيد، أو كثافة الشعر الأبيض، وغيرها من المتغيرات الطبيعية، والتي زادت من مفاعيلها عوامل القهر بفعل الحرب والأزمة والتشرد والنزوح والفقر والجوع والاستغلال، والتي بدت واضحة على الكثير من الصور المتداولة، سواء لمن كانوا أطفالاً وأصبحوا بعمر الشباب، أو للرجال والنساء بمختلف الأعمار.
كذلك انخرط بعض السوريين بوضع صور لبيوتهم ومناطقهم ومدنهم، بمقارنة لما آلت إليها حالها بعد 10 أعوام، فالكثير منها أصبح مهدماً ومدمراً بنتيجة الحرب، طبعاً مع عبارات الرثاء المجبولة بالحنين، والإدانة للمتسببين والفاعلين بها، وكذلك بعض الصور عن متغيرات الواقع المعيشي ومتطلبات الحياة اليومية، وخاصة على مستوى متغيرات الأسعار خلال السنوات العشر التي أثقلت كاهل السوريين، بما في ذلك المتغيرات التي طرأت على قيمة الليرة السورية بالمقارنة مع الدولار، وغيرها من المقارنات التي تصب بالمحتوى نفسه في النتيجة، مع الكثير من عبارات التهكم والسخرية عما آل إليه الحال، وخاصة على مستوى زيادة معدلات الاستغلال والفساد وانفلاتها.
التحدي الحقيقي والمستقبل
بعيداً عن تقليعة «التحدي»، بما لها وما عليها، مع طابعها التهكمي والترفيهي، ربما لا يسعنا إلّا أن نقول: إننا، كسوريين بشكل خاص، بحاجة إلى نوعٍ آخر من «التحدي» تفرضه علينا ظروفنا للخروج من أزمتنا، ولإبعاد الآخرين عن الاستمرار بالاتجار بمأساتنا والتحكم بمصائرنا واستغلالنا.
فبدلاً من فرض التحدي بالعودة بنا 10 أعوام إلى الخلف، لم لا نرصد تحدياً آخر للمستقبل وخلال 10 أعوام من الآن؟.
ولعل «التحدي» الحق والأكثر جرأة هو تحدي فرض إرادتنا بالتغيير الجذري والعميق والشامل على كافة المستويات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بما يحقق الخروج الآمن من الأزمة، مع أوسع عدالة اجتماعية وأعلى معدلات نمو وتنمية، علماً أن جوهر هذا التحدي ليس أكثر من مجموعة من الحقوق المستلبة والتي يجب استعادتها.
علّها دعوة لشحذ هممنا كي نرصد تبدلات هذا التغيير «التحدي» بعد 10 أعوام من الآن؟