وزير يبصم بالعشرة.. ماذا عن الحكومة؟
قال وزير التربية: «أنا أول شخص أبصم بالعشرة أننا نريد زيادة الراتب للمعلمين، وأنه من الطبيعي تحسين الوضع المعيشي لهم، ولكن هذا الأمر ليس مناطاً بوزير التربية»، حيث جرى ذلك تحت قبة مجلس الشعب، نهاية الأسبوع الماضي.
حديث الوزير أعلاه، كان بعض مما أورده كرّد على ما أثاره بعض أعضاء مجلس الشعب من قضايا تخص العملية التربوية، وما توقفوا عنده حول بعض الظواهر السلبية التي تؤثر على العملية التعليمية.
قضايا مكررة
المداخلات التي تقدم بها أعضاء مجلس الشعب، تناولت النقاط والقضايا التالية: ظروف المعلمين المعيشية_ الدروس الخصوصية_ قطع الاتصالات خلال الامتحانات_ تطوير المناهج_ التسرب من المدارس_ انتشار المخدرات في المدارس_ التعاون بين المدرسة والأهالي.. وغيرها من النقاط والقضايا الأخرى، وذلك حسب ما رشح عبر وسائل الإعلام.
ولعل جملة القضايا المثارة أعلاه، مع غيرها الكثير، ليست بجديدة، بل هي قديمة ومعادة ومكررة، سواء تحت قبة مجلس الشعب، أو من خلال العديد من وسائل الإعلام، وحالها بذلك كحال الإجابات التي أتت على لسان وزير التربية من التكرار أيضاً.
الرواتب مفصل أساس
إذا كانت القضية الأساسية المتعلقة بزيادة أجور المعلمين قد بصم عليها الوزير، مبعداً مسؤوليتها عن عاتقه، وهو ربما يكون محقاً في ذلك، باعتبارها من مسؤولية وواجبات الحكومة كاملة، إلّا أن هذه القضية تعتبر مفصلاً أساسياً في العملية التعليمية والتربوية، وبحال عدم حلها ومعالجتها فإن جملة من القضايا المرتبطة بها لن تجد طريقها إلى الحل، وخاصة، على سبيل المثال لا الحصر: ظاهرة الدروس الخصوصية، ونزيف الكادر التدريسي من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة، والتي تعتبر الأجور وتدنيها سبباً رئيساً فيها.
أما بقية النقاط والقضايا المثارة والمكررة الأخرى فإنها تعتبر من صلب عمل ومهام الوزارة ومسؤوليتها، وربما مع بعض الإنصاف، فإن بعض الظواهر بحاجة لتضافر جهود بعض الجهات الحكومية الأخرى من أجل معالجتها، مع عدم تغييب دور الأهل ومسؤوليتهم تجاه بعض القضايا والنقاط، بالتعاون مع الجهاز التربوي والتعليمي.
الظاهرة الأخطر
ظاهرة انتشار المخدرات في المدارس، التي أشار إليها بعض أعضاء مجلس الشعب أكثر من مرة، كما لفتت إليها وسائل الإعلام مراراً، تعتبر ظاهرة خطيرة جداً، وانعكاساتها السلبية لا تقتصر على العملية التعليمية والتربوية فقط، بل تتعداها إلى المجتمع عموماً.
وفي ظل تفشي وتوسع هذه الظاهرة، تبدو وسائل وأدوات معالجتها ومكافحتها غير مجدية، ما يعني: أن الضرورة تقتضي إعادة النظر بهذه الوسائل، وخاصة على مستوى ملاحقة وضبط المجرمين من المروجين لهذه الآفة في الوسط الطلابي، كبارهم قبل صغارهم، وعلى الملأ.
فكيف نبني المستقبل المنشود، والجيل الناشئ يقع فريسة لمروجي هذه الآفة، وصولاً إلى عقر المدارس وخلف أبوابها المغلقة؟
الترقيع غير مجدٍ
بعيداً عن إعادة الشرح في التفصيلات المكررة والممجوجة، يمكننا القول: إن القضايا المجتمعة والمركبة المرتبطة بالعملية التعليمية والتربوية، والظواهر السلبية الناشئة على هامشها، ما هي إلا نتاج السياسات التعليمية المتعبة، وهي من كل بدٍ لا تجدي معها عمليات الترقيع والتسويف المتبعة والمكررة كذلك الأمر.
كما أن السياسات التعليمية، وعمليات الترقيع المكررة نفسها، ما هي إلا نتاج لجملة السياسات الحكومية المقرة والمتبعة منذ عقود، فمجموع هذه السياسات جملة وتفصيلاً تقتضي الضرورة إعادة النظر بها، والقطع مع الكثير من تبويباتها وأجزائها، وخاصة تلك المتعلقة بالرواتب والأجور ومستويات المعيشة.
فمتى ستبصم الحكومة بالعشرة على هذا الحق؟