الحسكة: الأسعار نار والمواطن جاع واحتار!
سمير عابد سمير عابد

الحسكة: الأسعار نار والمواطن جاع واحتار!

التصاعد المستمر لأسعار المواد الغذائية في محافظة الحسكة، أصبح لايطاق بالنسبة للأهالي، بظل تردي الوضع الاقتصادي المعيشي، وتدني معدلات الدخول بالمقارنة مع الأسعار بشكل كبير، وانخفاض القيمة الشرائية لليرة.

 

هذا الواقع الاقتصادي المعاشي يسحق المواطنين يومياً، خاصة مع ما يرافقه من تداعيات بنتيجة الحصار، وتضارب المصالح بين المتنفذين القائمين على إدارة خدمات المحافظة، بين الطرف الحكومي وطرف الإدارة الذاتية.

صراع المصالح على حساب الأهالي

يعمد كل من هذين الطرفين، الحكومة والإدراة الذاتية، على تغليب مصلحته ومصلحة أعوانه وأتباعه، وخاصة التجار والسماسرة المحسوبين على هؤلاء، على مصلحة بقية المواطنين والأهالي، مع الانعكاسات السلبية لذلك كلها على المستويات كافة، وخاصة على مستوى احتكار المواد الغذائية ورفع أسعارها، بظل زيادة معدلات البطالة، واستنفاذ الإمكانات المتاحة أمام المواطنين، وتحديداً بعد خروج جزء هام من الأراضي الزراعية خارج الخدمة، بنتيجة الحرب المفتوحة والحصار الداعشي الإرهابي المفروض بمحيطها، ما أدى إلى فقدان الكثيرين لمصدر الرزق الوحيد أمامهم، حتى وصل بعض الناس لمرحلة الجوع والعوز، فيما ازداد التجار والسماسرة والمتنفذين غِنىً، وزادت ثروتهم على حساب هؤلاء وحاجاتهم وبقائهم.

دعاية حاضرة والمواطن مغيب

في كل مرة يتم فيها الإعلان عن وصول كميات من المواد الغذائية للتوزيع والبيع للمواطنين، يتم بيع حصة صغيرة من هذه المواد بشكل نظامي، فيما تصبح الكميات الأكبر لدى التجار والمحتكرين، ليفرضوا أسعارهم الاحتكارية كما يفرضوا استغلالهم لحاجات الناس.

حتى المساعدات القادمة باسم الأهالي من المحتاجين، لا يُسلّم منها إلا البعض اليسير، وللمقربين من أحد الطرفين حكماً، ويحرم منها البقية المتبقية من المواطنين، فيما تجدها أيضاً للبيع لدى التجار والمتحكمين من أتباع هؤلاء المسيطرين على الأرض، والمتناحرين على هذه السيطرة.

وجل ما يصل المواطن من ذلك بالنتيجة، هو: الكثير من الدعايات الترويجية باسمه عبر وسائل الإعلام المختلفة والمتبانية بتبعيتها، ولأي طرف تقوم بالترويج والتسويق الإعلامي أيضاً، دون أن يرى المواطن منها شيئاً فعلياً وملموساً على مستوى حياته ومعيشته.

الاحتكار مضمون

آخر ما حرر بهذا الشأن الترويجي والتسويقي على هذا المستوى كان الإعلان عن وصول طائرة محملة بـ 10 أطنان من السكر، ليتم توزيعها عبر منافذ فرع الخزن والتسويق بالحسكة بسعر 400 ليرة للكغ الواحد، فيما واقع الحال سجل سعر السكر بالسوق بـ 750 ليرة للكغ الواحد و1000 ليرة في بعض الأحيان، حيث لم تؤثر تلك الكمية المعلن عنها على واقع السعر في السوق السوداء، وذلك لمعرفة المتحكمين المسبقة، بهذه السوق من أن الجزء الكبير من هذه الشحنة ستصل لأيديهم، كما جرت عليه العادة، في غيرها من الكميات الغذائية القادمة للمحافظة، من أي مصدر كان، عبر شبكة المتنفعين والفاسدين، على الرغم من أن الخزن والتسويق، بدأت بالبيع بالسعر المعلن وبكمية محدودة للمواطنين بموجب دفتر العائلة، حيث تم الحديث عن نفاذ الكمية خلال فترة قصيرة، فيما لم يتمكن غالبية المواطنين، من الحصول على أية كمية من هذه المادة، وذلك كون هذه الكمية أصلاً لا تغطي الحاجات الفعلية للاستهلاك على مستوى المحافظة وتعداد سكانها، ناهيك عما يسرب منها للمحتكرين والمتلاعبين بالمواد سعراً واحتكاراً.

تمييز وإجحاف

ومن جملة الحملات الإعلامية والترويجية أيضاً ما أعلن عنه من أن فرع الخزن والتسويق بالحسكة، سيقوم ببيع سلة تدخل تموينية على الموظفين بسعر 50 ألف ليرة، وذلك بالتقسيط على فترة 10 أشهر، ما أدى لحالة من التهكم لدى المواطنين، فبغض النظر عن أن هذه السلة بقيمة الـ 50 ألف ليرة المذكورة، لا تكاد تغطي الاحتياجات الغذائية الضرورية للأسرة لمدة أسبوع واحد فقط، بظل ارتفاع الأسعار الراهنة، بما في ذلك لدى المؤسسات الحكومية، فيما سيبقى الموظف المعني بالاستهداف مرتهناً بالدين لمدة 10 أشهر بمقابلها، فإن تحديدها بفئة الموظفين دوناً عن بقية المواطنين، بهذه الظروف المعيشية القاسية على الجميع، فيه إجحاف غير مقبول، كما يتضمن انعدام للعدالة وتكريس للتمييز، سواء بين موظف وآخر، أو بين المواطن والموظف، وهو بالضبط ما يكرس مفهوم التنافس بين طرفي التحكم والإدراة في المحافظة، على حساب المواطنين والأهالي وبالنتيجة لن يكون هذا الإعلان إلا عبارة عن حملة إعلامية، المواطن سيكون غير مستفيد منها، كما أن الموظفين سيكتوون بها.

الأهالي في محافظة الحسكة، ملّوا من أنماط صراع المصالح بين الأطراف المتنفذة بالمحافظة على حسابهم، كما احتاروا بكيفية التعامل مع هذه الأطراف كما مع أتباعهم وتجارهم ومحتكريهم، كما ملوا من دعايات التسويق والترويج باسمهم، لأي من هذه الأطراف، فهم أولاً وآخراً وقبل كل شيءٍ مواطنون سوريون، غير معنيين بكل محاولات التنافس والتمييز المفروضة عليهم.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
786