من الذاكرة: جردة حساب بين العام والخاص
تركت للذاكرة العنان لتبحر إلى أول سهرة حافلة في بيت أحد زملائي الطلاب بحي باب توما بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة أواخر أربعينيات القرن العشرين, ولتنتصب أمام البصر والبصيرة صور تلك السهرة التي كانت فرحتي بها آنذاك تفوق الوصف
فالألحان تصدح والأصوات تشدو والعيون تشع حبوراً وسعادة, والقلوب الفتية ترقص منتشية بأحبتها. وأقولها بصدق طفولي غامر:
لقد كانت باكورة تفتح أحاسيس فرحي الخاص على الفرح الأوسع والأعم.
وتمر الأعوام تباعاً, وفرحتي التي تتجدد بالأعياد هي الشراع الذي يشد سفينة العمر نحو الايام الأسعد والأحلى.
وعلى غير المشتهى تتلبد سماء الوطن بغمامات سود أيام الديكتاتوريات العسكرية..
ومن ثم زمن تحكم المباحث بأنفاس ورقاب الناس في آخر عقد الخمسينيات ومطلع عقد الستينيات.. ثم حلول نكسة حزيران وما حملته من قهر وآلام وإحباط
بيد أن الإرادة الوطنية المستندة إلى سواعد الجماهير الشعبية سرعان ما استطاعت في كل تلك الحالات تبديد الغمامات والسحب الدكناء, ليستعيد الوطن عزته, والشعب دوره في بناء سورية السيدة العزيزة.
واليوم مع أفول عام 2013 بقضه وقضيضه, بآلامه ومصائبه, ليفسح المجال واسعاً أمام عام جديد نرجو ونعمل كي يكون أفضل حالاً, ومنطلقاً جدياً أمام الإرادة الوطنية المتمثلة بكل القوى الشريفة العابرة بأقدامها على كل الثنائيات المضللة الوهمية, لتصل إلى الثنائية الحقيقية الوحيدة التي تحشد كل المخلصين في خندق واحد في وجه الفاشية الجديدة المتوحشة المنفلتة من عقالها والمتجسدة بعتاة الاستعمار والامبريالية والصهيونية وأدواتهم الأجيرة الحاقدة من كبار الفاسدين الناهبين الشعب والبلاد, والظلاميين المسعورين العلنيين والمستترين الساعين بكل همجيتهم إلى نشر الدمار والموت في كل أرجاء سورية الغالية, وإلى تفتيت الوطن وإحراقه.
ويبقى الرهان الرهان على شعبنا..
على المحكومين بالأمل وبالانتصار.