توزيع مقاسم القرى النموذجية في الغاب.. تعديلات تقصي المستحقين
أنهت اللجان المحلية عملها بترشيح أسماء المواطنين للتخصيص بالمقاسم المتبقية في القرى النموذجية التي لم يتم توزيعها بعد، وقد اتسم عمل هذه اللجان بالتكتم والسرية، ورافقها تلاعب وتفضيل من لايستحق التخصص بمقسم على المستحقين فعلاً.
تباين أداء هذه اللجان بين قرية وأخرى، فهناك لجان قامت بتقديم طلبات الترشيح على أساس أن كل أسرة مستحقة بغض النظر عما إذا كان أفرادها يستحقون أم لا، فعملت على ترشيح اسم واحد لكل أسرة متجاوزة الشروط المؤهلة للتقدم إلى المفاضلة السكنية، بغية الحصول على قطعة أرض سكنية في القرى النموذجية المزمع توزيعها على المواطنين من سكان سهل الغاب، وليس منطقة الغاب. وهناك لجان أخرى قامت بترشيح الأسماء متجاوزة كل الشروط، فرشحت المقربين والمحظيين، ولم ينس بعض أعضاء اللجان أنفسهم وأبناءهم أو أحفادهم بغض النظر ما إذا كانوا قد حصلوا على مقاسم سكنية في تلك القرى في التوزيع السابق أم لا، وهو الذي اتسم بأسوأ أنواع الفساد حيث تم تخصيص عدة مقاسم وصل عددها إلى ثلاثة في بعض الحالات استحوذت عليها أسرة واحدة، والأكثر من ذلك أن هؤلاء الأشخاص كانوا مهاجرين في دول أجنبية أو مقيمين في محافظات أخرى، ومازالوا يحتفظون بهذه المقاسم رغم المخالفة الصريحة لأسس الحصول عليها. والأغرب من ذلك كله أن بعض أعضاء اللجان السابقة عادوا مرة أخرى في التشكيلة الحالية لهذه اللجان التي تعمل (بشفافية) على توزيع المقاسم على المستحقين من المواطنين الفقراء الذين ليس بوسعهم شراء قطعة أرض في ظل أسعار العقارات الجهنمية. وكأن منطقة الغاب خلت ممن يستطيع أن يكون بديلاً عمن كان سبباً أساسياً في المشكلات والاحتقان الاجتماعي الناتج عن سوء عمل تلك اللجان التي نأت بعيداً عن كل صيغ الاستحقاق في التوزيع السابق, حتى صار حديث الناس يشير إلى أن الذين يسعون إلى تكريس نفوذ تلك الشخصيات هم أصحاب مصلحة ما, وتساؤل الناس له ما يبرره حيث عمل البعض على إخفاء 40 إضبارة وإقصاء أصحابها عن المشاركة في مفاضلة الحصول على قطعة ارض سكنية، ولأن بعض أعضاء تلك اللجان امتهن الوجاهة والوساطة منذ زمن ليس بقليل، يخشى المواطنون من تأثيره على سير عملية التوزيع. والحقيقة إن الغاب فيه من القوى السياسية والشعبية التي تستطيع أن تشرف على توزيع هذه المقاسم منتهجة العدالة الاجتماعية في عملها. علماً أن اللجان لا تخلو من الشرفاء.
إن الغاية من إحداث القرى النموذجية هي الحفاظ على الأراضي الزراعية في سهل الغاب والحد من زحف الأبنية السكنية وقضم المساحات الكبيرة سنوياً وإخراجها من عملية الإنتاج الزراعي، ولهذا التخطيط أثر إيجابي كبير فيما لو تم تنفيذه, ولكن الواقع يرينا أن القرى العشوائية والتجمعات السكنية المخالفة التهمت الأرض الزراعية بعد التوسع في أعمال البناء، لذلك فإن إنقاذ هذا السهل من حمى الاسمنت يحتّم توزيع مقاسم القرى النموذجية على من لا يملكون مسكناً في سهل الغاب الذين فيما لو لم يحصلوا على مسكن في هذه القرى سيضطرون إلى وأد أراضيهم الزراعية.
إذ توجد هنا مشكلة، فالتعديل رقم 56 تاريخ 2862006 الذي جرى على شروط وأولويات التوزيع المعتمدة، غدا يحق بموجبه لمن لا يسكن سهل الغاب الحصول على مقسم في هذه القرى النموذجية, وينص التعديل على: توزع المقاسم على المنتفعين أو المالكين أو المقيمين أو أبنائهم وورثتهم ضمن سهل الغاب ووفق شروط تتمثل في أن يكون المستفيد من سكان الغاب حصراً وبالغاً سن الرشد مع مراعاة عدد أفراد الأسرة, وغير مالك لدار سكن ضمن المناطق المسموح إقامة البناء فيها. وبذلك أصبح للمنتفعين بأرض زراعية في السهل ولكنهم يسكنون القرى الجبلية، حق الحصول على هذه المقاسم.. هذه كانت الضربة القاضية على التفكير في حماية الأراضي الزراعية، فقد أطاحت بالغاية التي أحدثت لأجلها تلك القرى التي بدأ العمل فيها بشكل فعلي منذ 1982.
سلم العلامات في مفاضلة استحقاق المقاسم السكنية
• للإقامة: 20 علامة.
• متزوج: 5علامات.
• عدد أفراد الأسرة: علامتان لكل فرد.
• فوق سن 18 سنة: علامة لكل سنة.
• 10علامات لمن استملكت أرضه لمصلحة القرية النموذجية أو أستملك منزله لصالح منشآت الري .
وقد يكون العمل بآلية هذه المفاضلة سليماً، إلا ان المواطنين بدؤوا بالتململ والضجر إزاء ما يشاع من أن البعض ممن لا يستحقون مقاسم سكنية دفعوا مبالغ تصل إلى 75 ألف ليرة سورية كدفعة أولى على هيئة رشاوى للأشباح للتلاعب بالسلم. ويقال إن سعر المقسم في السوق السوداء من400-600الف ل.س، حسب موقعه, وإن معظم من استحوذ على مقسم قام ببيعه بعد فترة زمنية قصيرة، إما لعدم قدرته على إشادة المسكن لسوء الأحوال الاقتصادية، أو لعدم حاجته أصلاً إلى ذلك المقسم، ولأن عدد طلبات الحصول على تلك المقاسم فاق التوقعات.. فمثلاً: عدد المقاسم المطروحة للتوزيع في قرية شطحة النموذجية محدد بـ82 مقسماً، وعدد الاضابير المقدمة 2500 اضبارة!!. من هنا دعت الحاجة إلى إعادة التأكيد على اقتراح المحافظة المقدم إلى رئاسة مجلس الوزراء والذي تم رفضه في مرة سابقة، حيث تضمن أن تقوم الدولة ببناء أبراج سكنية توزع شققها على المواطنين المستحقين لتلك المساكن على أن يجري تقسيط ثمن المسكن على مدى 25 عاماً، وبذلك تحل مشكلات عدة منها عدم قدرة من استحق مقسماً البناء على ما استحوذ عليه من أرض، والمشكلة الأخرى هي فسح المجال أمام أكبر عدد من المواطنين في الحصول على شقة سكنية، والأهم من ذلك كله هو الحفاظ على الأراضي الزراعية وإبقاؤها في عملية الإنتاج الغذائي.
ولقطع الطريق على الشائعات نقترح نشر تفاصيل بيانات كافة الأضابير سواء حصل صاحبها على مقسم سكني، أو لم يحصل عليه, على ان تتم عملية التوزيع (المفاضلة) المنوي القيام بها الكترونياً عبر الحاسوب من خلال إدخال البيانات وفق نظام معتمد التي سيتم نشرها لاحقاً. وهنا لا مجال للأخطاء البشرية والتلاعب بها إذا ما علمنا أن الجميع ممن تقدموا للحصول على مقسم سكني يعرف بعضهم البعض الآخر.
يبقى أن نسأل عن مدى شرعية تقاضي بعض رؤساء اللجان المحلية (القروية) مبلغ قدره 200 ل.س لقاء كل طلب يقدمه المواطنون .
ونظرا للتجاوزات الحاصلة أثناء عملية الترشيح يجب قيام اللجان بإعادة دراسة الطلبات المرفوضة للتأكد ما إذا كان أصحابها يستحقون التقدم للحصول على مقسم أم لا.