بين السيئ والأسوأ
زارني محقوناً بالأسئلة وبادرني بالهجوم:
- أخي مرحبا. . . أنتم جماعة «قاسيون» موالون للسلطة، معاهم معاهم، عليهم عليهم؟
ابتسمت وقلت له:
- اجلس واهدأ، واسمح لي أن أترك الرد على سؤالك لرأيك في مواد جريدة قاسيون، أجاب:
- موادها موضوعية وانتقاداتها لسلبيات الحكم قوية، تعكس نبض الشارع.
- إذاً لماذا تتهممنا بموالاة السلطة كغيرنا؟ قال:
- لتهجمكم على المعارضة التي تعد الشعب بإجراء تغييرات جذرية في وضعنا من ليبراليين في الداخل ونشاطاتهم إلى أحزاب المعارضة وتحالفاتها في الخارج، وهناك أناس كثيرون يتعاطفون معها. قلت:
- تيار قاسيون يناضل مع كل القوى الوطنية من أجل الحريات الديمقراطية وسيادة القانون وإلغاء الأحكام العرفية والدفاع عن لقمة الشعب وضد الاقتصاد الليبرالي ومواقف التذبذب.. أما المعارضة التي ذكرتها فقد فقدت ثقتها وأملها بالشعب، لذلك تستقوي بالخارج المتآمر على بلدنا العربي الوحيد الصامد في وجه المخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة؟ سأل:
- هل (تقبضون) الخطاب السياسي بالمقاومة والصمود جدياً، وأنه لا يوجد مساومات؟ قلت:
- طالما بلدنا صامد حتى الآن يتعرض لمضايقات وتهديدات الأعداء هذا يعني أن خيار المقاومة مستمر. ث لاننسى التفاف الشعوب العربية حول صمود بلدنا، يصلبه ويشكل صعوبات في طريق التراجع عنه. قال:
- هذا نظرياً. هل يمكن مقاومة الأخطار الجدية التي تهدد وطننا، بشعب جائع ومقموع بالأحكام العرفية؟ وهل هذه السلطة تمثل حزب البعث ذا الماضي الوطني والتقدمي وتمثل الأحزاب المنضمة إلى الجبهة؟ قلت:
- إنها مفارقة كبيرة تثير التساؤلات، ففي الوقت الذي يستلزم الصمود انفتاحاً على تلبية مطالب الشعب، نرى السياسة الاقتصادية تنفتح على الليبرالية والغرب، حتى أن قرارات مؤتمر حزب البعث العاشر، عن محاربة الفساد وحل مشكلة إحصاء 1962 الجائر بحق الأكراد، وتحسين الخدمات الصحية والنقل و . .. إلخ، لم يجر معالجتها جدياً، لأن الأحكام العرفية التي كمت الأفواه وغيبت المراقبة والمحاسبة استغلها كبار الموظفين والمسؤولين، وحولوا البلد إلى مزارع خاصة، وتحولوا إلى حيتان مالية كبيرة شكلت طبقة برجوازية بيروقراطية أبعدتهم عن التقدم والاشتراكية. سأل:
- أنتم واتحاد نقابات العمال عارضتم التوجهات نحو الاقتصاد الليبرالي، فماذا حققتم؟
- لقد أنقذت هذه المعارضة معامل حديد حماة، ومعامل الأسمنت من طرحها للاستثمار، كما حققوا زيادة 63 مليار ل.س في الموازنة الاستثمارية لعام 2007، ورغم قلة هذه المكاسب لكنها تشكل مؤشراً إيجابياً بأهمية النضال. قال:
- هذا كلام لايقنع المحتاجين ومنهم زوجتي التي تصرخ دوماً: «الوطن حقوق وواجبات والحكام وجدوا لخدمة الشعب وليس لنهب خيراته»، أنا أرحب حتى بالشيطان الذي ينقذنا من حياتنا المريرة. ختمت قائلاً:
- هذا موقف استسلامي بائس يفيد الأعداء.. فلا سبيل أمامنا إلا الصمود المقاوم لصيانة سيادتنا الوطنية، وإلا تصعيد النضال المطلبي الجماهيري لإزالة سلبيات وضعنا السيئ خوفاً من قدوم الأسوأ.