مهجرون وعدادات كهرباء سياحية
كنا نمر من هنا ويعتقد الجميع بأن هذه الخيام هي لبدو رحل يربون المواشي، ولكن تفاجأنا أنهم مواطنون حلبيون سكنوا هنا بخيامهم لأنه لا قدرة لهم على استئجار منزل.
قرب شاطئ بحر طرطوس، وبجانب شاليهات عشتار المشهورة، تنتصب على بعد عشرات الأمتار خيم المهجرين المتبعثرة هنا وهناك، لتروي لنا مأساة شعب بأكمله، وقصة وطن هو مهد الحضارات، يسمى سورية.
تجمعات كثيرة
لم يخطر ببالنا أن هذه الخيام المنتشرة هي لمهجرين أتوا من المدن المختلف، ولكن العائلات الحلبية هي الطاغية في هذا المكان.
على الطريق العام بين طرطوس والحميدية تجمعات كثيرة للمهجرين، كنا قد زرناهم أكثر من مرّة، في منطقة الطلائع والمنطار وشاليهات الكرنك، وغيرها من عشرات ألوف العائلات الذين تدفقوا إلى محافظة طرطوس طلباً للأمان، هرباً من الحرب الظالمة التي طحنت الجميع، ولم تنتهِ هذه الدراما السورية حتى الآن، رغم دخولنا العام السادس لهذه الأزمة، المعقدة.
دردشة عبر لقاء
قاسيون زارت هذه المخيمات والتقت العديد من المواطنين فيها، وفيما يلي بعض دردشات من التقتهم قاسيون:
كنا نـأمل العودة
بعد أسابيع أو أشهر!
أبو محمد، مواطن من مدينة حلب تحدث قائلاً: جئنا إلى هنا هرباً من الحرب الدائرة، وكان الأمل بالعودة بعد أسابيع أو شهور، ولكننا تجاوزنا الثلاث سنوات هنا ونحن ننتظر الفرج وعودة السلام والأمان لبلدنا، ولكن ماذا نقول.. إن ظروف الحياة قاسية جداً، لا بل أصبح رب الأسرة يقوم بمهمة شبه مستحيلة لإطعام أولاده، فأنا والد لثلاثة عشر طفلاً، واضطررت إلى عدم إلحاقهم بالمدارس بسبب عدم قدرتي على تعليمهم، وبسبب قيامهم بالعمل لمساعدتي على تأمين لقمة العيش، خاصة في ظل هذا الغلاء الفاحش، فنحن نعمل هنا كعمال زراعيين بالساعات ونقوم بأعمال هامشية مختلفة لتأمين الحد الأدنى لمعيشتنا.
الشتاء مأساة والكهرباء سياحية
وأما عن ظروف معيشتنا، بالشتاء خاصة، فهي مأساة بسبب المطر والعواصف، ولا منازل لدينا ولا قدرة لنا على شراء مازوت التدفئة، والأنكى من ذلك أن عدادات الكهرباء التي عهدوا لنا بتركيبها قامت مديرية الكهرباء بطرطوس باحتسابها عدادات سياحية!، وكأننا سواح ولسنا مهجرين، إننا نناشد الجهات المسؤولة والسيد المحافظ بزيارتنا والاطلاع على أحوالنا وتقديم يد العون والمساعدة، ولو بالحد الأدنى، فلا ذنب لنا سوى أننا مواطنون سوريون.
الحرب أتت على كل شيء
المواطن أحمد علي، من حلب أيضاً قال لنا: هذه الحرب لم تترك لنا شيئاً إلا ودمرته، حتى بيوتنا في حلب تدمرت، وأسرنا تشردت في شتى بلدان العالم، إننا نعيش مأساة العصر بكل معاني هذه الكلمة، والغالبية الساحقة من السوريين تطالب بالحل السياسي، والذي لا يريد هذا الحل والخلاص هو عدو للشعب السوري.
مواطنين ولسنا سواح يا تجار الأزمة
المواطنة أم خالد، صرحت غاضبة لقاسيون: يا أخي حتى المعونات يتلاعبون بها، فهناك أسر ثلاثة أشخاص وأسر مؤلفة من خمسة عشر فرداً، تقوم جمعيات الهلال بإعطائهم المعونة نفسها، وهذا ظلم كبير، وحتى هذه الأرض التي نصبنا خيامنا لنعيش فيها مؤقتاً فهي مأجورة لأحد الملاكين، إننا هنا يتعامل معنا تجار الأزمة مثل الأجانب، ونحن لا نبعد عن مدينة طرطوس أكثر من عشرة كيلومترات، فأين المحافظة وأين الحكومة من معاناتنا، فحتى الآن وبعد أكثر من ثلاث سنوات لم يأت إلى هنا أي مسؤول أو رئيس بلدية أو تلفزيون أو صحافة أو جمعية إغاثية، فقط جريدة قاسيون جاءت إلى هنا مشكورة.
الشريف من يعمل
من أجل الحل السياسي
أبو ابراهيم، مواطن من محافظة ادلب صرح لقاسيون: لقد تهجرنا منذ أربع سنوات من منطقة معرة النعمان بعد سيطرة جبهة النصرة عليها، وطلبت رأسنا بحجة أننا من أعوان النظام بسبب خدمة أولادي في الجيش العربي السوري، إننا لا نريد شيئاً سوى وحدة سورية، وعودة السلام والأمان، والعودة لديارنا، لأنه أصبح واضحاً كالشمس فشل الحل العسكري وعلى كل مواطن سوري شريف أن يعمل لانتصار الحل السياسي.