صفر بالسلوك كردو وعربو يهاجران
قرر كردو وصديقه عربو أن يهاجرا، وانتظرا كالعادة إلى ما بعد الموسم، وتوسل كل منهما إلى أهله وبكيا وصرخا وتذللا حتى استطاعا أن يقنعا أهليهما بدفع تكاليف السفر التي هي غلة الموسم وبيع بضع نعاج وخراف والعيش سنتين بالدين على الموسم، أخذ عربو الأموال ووقف في الليالي الباردة أمام أبواب السفارات المحترمة
وتحمل أهوال الانتظار ونظرات الشرطي منظم الاحتفال القاسية والمترفعة، ولكي يكافئ نفسه على شدة تحمله فقد بدأ عربو يبعزق بالأموال (أموال العائلة المستدينة) ويرش بها على الراقصات في الكباريهات على شرف الوطن الغالي، وعندما يسألونه: ماذا تفعل في الشام يا عربو؟ يقول لهم بالفم الملآن إنه ينتظر الفيزا، وبالطبع فإنه يلفظها بحرف الفاء مثبتاً وطنيته الخالصة.
أما كردو فبعد أن أخذ الأموال قابل الريبر في الشام، والريبر هو الدليل أو بالأحرى هو المهرب الذي سيطير بكردو إلى البلاد الاسكندنافية عبر الظلام، ويبدأ كردو بالمفاوضات مع الريبر أثناء العزائم والولائم الذي يقيمها له في المطاعم والكباريهات حيث يلتقي بصديقه عربو هناك كل ليلة ويتحداه برش الأمول على الراقصات المربربات، ثم يدفع المبلغ المتفق عليه للريبر وتبدأ رحلة العذاب الأولى، الريبر يختفي وكردو يبحث عنه في أحياء العاصمة، وعندما يلتقي كردو وعربو يكونان في قمة الإفلاس، ويشكيان هميهما لبعضهما البعض، ويستغرب عربو لماذا يستعين صديقه كردو بالريبر بينما يمكنه أن يذهب إلى السفارة ويأخذ فيزا كما يفعل هو، فيجيبه كردو بأنه ليس غبياً كي يذهب إلى السفارات فهو بلا جواز سفر أصلاً وعندما يوصله الريبر للدول الاسكندنافية سيقولون له «من أنت»؟! فيجيبهم (أنا كردو من سورية ما في عندي جواز سفر مشان هيك إجيت لعندكم)، فيركض الإسكندنافيون مشفقين على كردو ويعطونه جوازاً إسكندنافياً خارقاً حارقاً مدمراً لكل الحدود، دهش عربو من الفكرة، بل وأعجبته جداً، ثم مضت الأيام واستطاع عربو عبر جواز سفره أن يدخل دول الاسكندنافيين بينما عاد كردو إلى قريته يعمل في رعي الأغنام وزرع وحصد القمح مجاناً عند العائلة لتسديد ديون الرحلة الفاشلة إلى الجنة الاسكندنافية، نلمح عربو وقد خبأ جوازه ودخل عارياً منه إلى قسم البوليس الإسكندنافي فقالوا له من أنت فجاوبهم بفخر واعتزاز: (أنا كردو من سورية وما في معي جواز سفر).