واقع الخمسات في التنقّل والثبات!..
بدايةً، مفرد الخمسات: خمسة، أو خمس = 5 ل.س.
كلّ يوم، عندما نغادر بيوتنا، وبمجرد خروجنا إلى الشارع، ومحاولتنا الحصول على مكان في وسيلة نقل تقلنا إلى وجهتنا، نتحول إلى (خمسات)، وذلك طبعاً إذا كنّا من أصحاب الخمسة، أي من أصحاب الدخل المخموس، ومعظمنا كذلك!.. والمشكلة لا تقف عند هذا الحدّ، فللخمسة صيادوها (سائقو الميكروباصات) الذين قد يدهسونها في محاولة منهم لالتقاطها، أو لحرمان غيرهم الاستفادة من قوتها كخمسة، فما إن يقف أحدنا على طرف الرصيف (إذا وجد له طرفاً)، حتى تلفه عاصفة من الزمامير، من كلّ حدب وصوب، لتذكره إن نسي، بأنه مجرد خمسة!..
ونحن على هذا الحال منذ أكثر من (خمستين) من السنين، أي منذ دخول السرافيس معترك الحياة المواصلاتية بدل حافلات القطاع العام، وعلى الرغم من قبولنا بواقع الحال، ورضوخنا لحقيقة أننا بتنا نمثل خمسات متنقلة، إلا أن صيادينا ما عادوا يتعبون أنفسهم للوصول إلينا وقطافنا أينما كنّا، بل أصبحوا يختصرون حلبة الصيد، مهملين ما تبقى من خمسات منتظرة تحت الشمس أو تحت المطر، على أطراف الأرصفة المعرضة للانهيار، مما يدفع المنتظرين للجوء إلى مستوى أعلى من الصيد والصيادين (سائقو سيارات الأجرة)، متناسين أنهم مجرد خمسات، وأن استعانتهم بغير صياديهم ستحولهم إلى (خمسينات)، وما أدراك ماالخمسينات؟!..
وللأسف فإن صيادي الخمسات والخمسينات على حد سواء، باتوا يخالفون كل قوانين الصيد، دون خوف أو رادع أو تنبيه من حكام حلبة الصيد الذين يمتطون دراجات هي أشبه ما تكون بوحوش ليس لها لجام، إذ يكفي أن يقدم الصياد للحكم خمس خمسات، ليصيد كيفما شاء ودون أية مخالفة أو رقيب!..
هذا وقد أثبتت كلّ أنواع الصيد في غابات شوارعنا أنها مضرة بصحة كلّ من الخمسات والخمسينات، بل وحتى بصحة الخمسميات، فمن دخان الصراع المازوتي الدائر يومياً، إلى ضوضاء المحركات المعدّلة على هوى ممتطيها، وليس نهاية بهدير الزمامير حامية الوطيس!..
فما الذي ننتظره، أن يصيدنا الموت في طريقنا لصيد ما يسد رمقنا كبشر؟!..
وما هذا الواقع الخماسي أو الخماسيني، وكم من الخطط الخمسية سننتظر حتى نعود أناساً لا خمسات؟!!.