مطار دمشق الدولي «لاقيلي ولا تطعميني»
دون مقدمات تقليدية وبالدخول في الموضوع مباشرة، أتمنى من أي مسؤول، أي رجل ذي منصب وليس مسؤولاً بالمعنى الجنائي، أن يجيبني على السؤال التالي:
لماذا وصل مطار دمشق الدولي، وهو بوابة سورية (الحديثة!!) على العالم، إلى تلك الحالة المزرية؟
ولأن الحديث عن هذا الموضوع العريض يحتاج غوصاً في التفاصيل، سأسرد لكم بعض ما رأيته وسمعته وأحسست به خلال وجودي في مطارنا الغالي على قلوبنا.
- أغلب مطارات العالم توفر عربات نقل الأمتعة مجاناً للمسافرين إلا في مطار دمشق الدولي، حيث يتوجب على المسافر دفع 50 ل.س مقابل كل عربة.
- صالة وزن الأمتعة للمغادرين الواسعة نوعاً ما، تحتوي على ستة مقاعد قديمة وممزقة الأغطية! موضوعة على نسق واحد فقط.
- المياه كانت مقطوعة عن دورات المياه في المطار لثلاث ساعات متواصلة فقط في يوم السبت 2/6/2007 وهو ما أحسست به وعاينته بنفسي، ولا أعرف إن كان برنامج التقنين يشمل المطار أيضاً.
- هناك فرق نوعي في مستوى النظافة للصالات ودورات المياه قبل وبعد ختم جوازات السفر، لا أعرف السبب.
- في كل المطارات يستقبلك الموظفون بابتسامة وبعبارات التأهيل أو الوداع إلا في مطارنا العزيز، حيث يتم معاملة المغادرين والقادمين كما يعامل موظفو شرطة سجن حلب المركزي ضيوفه، وللعلم الموظفون في كلتا الحالتين من الشرطة المدنية.
- موظفو ختم الجوازات في أغلب المطارات موظفون مدنيون (أغلبهم نساء) أو ضباط شرطة من رتبة مقدم أو عقيد كما في مطار القاهرة، إلا عندنا، حيث أن الموظفين هم عناصر شرطية شابة (دون رتب) يرمقون المسافرين بنظرات الحقد والفوقية، وكل مسافر عندهم سواء أكان مغادراً أم قادماً، هو متهم حتى تثبت براءته (عن طريق الكومبيوتر طبعاً).
- في كل المطارات يتم البيع في السوق الحرة الواسعة والمتنوعة بالعملات الصعبة أو بالعملة المحلية إلا في سوقنا الحرة الكريمة، فالبيع بالدولار حصراً، وعلى العملات الأخرى أن تُصرف إلى الدولار، أما الليرة السورية فعليها أن...، وكأن السوق في المطار هو لجمع الدولار فقط.
- الأسواق الحرة في المطارات أنشئت لتبيع بضائعها للمغادرين، أما عندنا فإن 90% من مبيعاتها هي للقادمين (أغلبهم سوريين)، والسبب معروف.
- جميع موظفي وعمال ومستخدمي وفراشي مطار دمشق الدولي يعطونك انطباعاً قوياً وصارخاً عبر تعاملهم مع المسافرين وصراخهم ومزاحهم مع بعضهم البعض، ونظرات وجوههم الواثقة بأنهم أناس مدعومون جداً، ولولا الدعم والواسطة الثقيلة لما استطاعوا أن يعملوا هنا، حتى ولو كان العمل هو شطف أرضية الصالات، فالحذر والطاعة واجبة.
- «أهلاً أستاذ» أو «مع السلامة» من قبل المستخدمين أو الحمالين أو بعض الموظفين، هي عبارة تعني: «مد إيدك على عبّك حتى الله يحبك»!!.
- جميع الملاحظات السابقة لا يشعر بها المسافر جواً لأول مرة في حياته، أو المسافر إلى مطار داخلي إلى حلب أو القامشلي، لأن مطار دمشق بالنسبة لهم سيبدو كمطار هيثرو في المملكة المتحدة، وأنا أؤكد أن جميع علامات الإعجاب والفخر ستزول عند أول مطار سيحط به المسافر من دمشق، سواء إلى مطار خليجي أو أجنبي أو حتى مطار القاهرة.
بعد استعراض بعض المشاهدات السريعة، لابد من وضع اقتراحات للحل، وهي برأيي تتمحور على مبدأ «لاقيلي ولا تطعميني»، أي أنني أدرك أننا لن نصل أبدأ إلى مستوى أدنى مطار خليجي عمره لا يتجاوز السنين العشر، ولا حتى مطار عادي، حيث أن الأموال المرصودة لتطوير مطار دبي مثلا تتجاوز ميزانية سورية، وهي تتبع من حجم أساطيل شركات الطيران كالإماراتية والقطرية التي تملك كل منها ما يزيد عن 80 طائرة مدنية حديثة (والمزيد قادم)، في حين أن أسطول السورية للطيران لا يتجاوز العشر طائرات، ست منها فقط حديثة نوعاً ما؛ لذا يجب التركيز على النظافة والمعاملة، ومن هنا أقترح تغيير أسلوب التعامل مع المسافرين، واعتبارهم ضيوفاً وأصحاب بيت، والكف عن تلك النظرة الأمنية التي تُرهب الناس، والتعامل مع السوريين القادمين والمغادرين بود ولطف، ولكي يتحقق ذلك من وجهة نظري، يجب إبعاد عناصر الشرطة عن منافذ الجوازات، وتعيين موظفين مدنيين مُختارين بعناية (وهذا ما أشك به)، وليكفوا عن التنهد كلما وصلت أو غادرت طائرة.
يجب تخصيص رحلات إطلاعية سياحية لأولئك الموظفون ليروا بأعينهم كيف يتعامل أقرانهم الموظفين مع المسافرين ( بالطبع لن يكون السفر إلى ليبيا).
ماذا بعد... أعتقد أن التعويضات المادية المجزية ضرورية لجميع موظفي المطار، ومراقبة متعهدي الخدمة ضروري جداً.
وختاماً أقول: كما الحب يكون من النظرة الأولى، كذلك موقف أي زائر لبلادنا يتشكل من اللحظات الأولى لدخوله المطار، ولا داعي لإطالة الشرح.
■ سليم اليوسف