كيف أصبحت شيوعياً؟
ضيفنا لهذا العدد الرفيق محمود حاج خليل من الرفاق بتنظيم (النور).
الرفيق المحترم أبو عدنان كيف أصبحت شيوعياً؟
بداية أشكركم على جهودكم التي تشكّل عملاً نضالياً بحد ذاته من خلال المساهمة بهذه الزاوية القيمة على صفحات جريدتكم قاسيون بل وأقول جريدتنا، جريدة كل الشيوعيين لأنها من شقيقات النور وصوت الشعب.
أنا شيوعي من تيار النور ومن مواليد (1949) من قرية عرب خان التابعة لأبو راسين في محافظة الحسكة، وقد درست للصف التاسع وتركت المدرسة بسبب ظروفي الخاصة، وأنا من عائلة شيوعية فقيرة، ونحن أجانب بموجب إحصاء (1962) ولا نحمل الهوية السورية رغم أننا من أصول عربية، وهذه مأساة آلاف العائلات السورية في الجزيرة الذين لحقهم أفدح الضرر من ذلك الإحصاء الاستثنائي السيئ الصيت الذي صدر بعام 1962 بسعي القوى المتنفذة ومعها حكومة الإقطاع، لتحرم آلاف الفقراء الكرد من ملكية الأرض.
عرفت عائلتنا الأفكار الشيوعية قبل عام 1950 من خلال أخي الأكبر الذي كان شيوعياً قبلي، وعائلتنا تتمتع باحترام كل الجيران وأهالي المنطقة، ليس فقط لأننا لا نحب المشاكل، بل بحكم الأخلاق الشيوعية التي تربينا عليه.
سمعت عن الشيوعية منذ نعومة أظافري وكنت أحبها دون أن أعرف معناها، لقد كنت صغيراً حين كان الرفاق يجتمعون في بيتنا، وأتذكر كيف كانوا يطلبون مني أن أغادر الغرفة خلال عقد اجتماعاتهم، وكنت أعترض وأقول لهم: أنا أيضاً أريد أن أصبح شيوعياً... ومن الذكريات التي لا تنسى تلك التي حدثت أيام الوحدة بين سورية ومصر حين كان الحزب يتعرض لحملة قمع شرسة، حيث جاء إلى بيتنا ضيف ملاحق من قوى الأمن وهو رجل متكلم طليق اللسان في جميع مجالات الحياة. هذا الضيف كان الرفيق الراحل حسين عمرو أبو ناظم، وقتها كان بيتنا ملجأ آمنا ً للشيوعيين، وعندما طالت إقامته عندنا بدأ الجيران يسألوننا عنه، وكنا نجيبهم إنه قريبنا واسمه (الملا مهدي)، وقد جاء ليبحث عن جامع يؤذن فيه..! وعندما غادر رفيقنا قبل حلول شهر رمضان، بدأ الجيران يتساءلون عن الضيف الذي يعتقدون أنه (الملا مهدي) حتى يؤذن في الجامع في شهر رمضان، وقد علمني الرفيق حسين عمرو في تلك الفترة كل ما بوسعه من مبادئ حزبنا، هذا وقد نظمني في صفوف الحزب عام 1960، وأذكر وقتها أن الناس كانوا يضحكون مني عندما أذهب مع الرفاق إلى الاجتماعات الحزبية، وذلك بسبب صغر سني، وكانوا يتهامسون قائلين: «انظروا إلى هذا الصغير كيف يمشي مع الكبار وقد أصبح شيوعياً»، ورغم صغري كنت حريصاًً على الرفاق والحزب أيضاً، كما أتذكر أيضاً أن رفيقاً آخر كان ملاحقاً، واختبأ عندنا فترة من الزمن وهو الرفيق عبدي يوسف عابد، وبعدها ذهب إلى العراق وألقي القبض عليه على الحدود..
وكان للرفيق عبد المجيد حسين درويش فضل كبير أيضا ً في تنظيمي في صفوف الحزب، وأتذكر عندما حدث انشقاق الرفيق رياض الترك لم تتأثر منظمة الجزيرة كثيراًً بهذا الانشقاق، ولكن عندما حدث الانشقاق المفصلي للرفيق يوسف فيصل تلاشت منظمة الجزيرة هذه المرة، حيث ترك معظم الرفاق التنظيم، و بقي من بقي، وانشق الآخرون عن رفاقهم، أما أنا فقد كنت من التاركين، وتوقفت عن التنظيم لمدة نصف سنة، وكان من الرفاق المنشقين آنذاك حسين عمرو وعبد المجيد درويش ولم يقاطعوني، وعاودت تنظيمي مجددا في الحزب الشيوعي السوري الموحد.
وتتالت الانشقاقات الفردية والجماعية من كلا الحزبين (خالد بكداش/ يوسف فيصل)، وكانت هذه الانشقاقات بمثابة كارثة للحزب.
والآن إنني أعتبر نفسي واحداً من جنود الحزب الشيوعي السوري بكافة فصائله، وأناضل مع جميع رفاقي في التنظيم وخارجه، وأناشدهم عبر جريدتنا قاسيون أن يعملوا كتفا بكتف لتوحيد حزبنا الشيوعي السوري، ليس بمناسبة الأول من أيار فقط ولا بإقامة الندوات الجماهيرية المشتركة فقط، وإنما بالتنظيم الموحد وبجريدة مركزية يومية واحدة، لكي نبني حزبا شيوعيا قويا يلتف من حوله العمال والفلاحون، ولندافع عن لقمة عيشهم، ولنرفع عالياً شعار(كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار)، وأخيرا لا يسعني إلا أن أقول: سائرون سائرون.. لا نساوم ولا نخون... درب شعبي لن يهون.. أن نكون أو لا نكون. وشكرا لكم.