وسيم الدهّان وسيم الدهّان

«الكيان المعدني الغاشم»!..

تتنافس شركات السيارات في فنون التقسيط، فتفاجئ المواطنين يومياً بعروضها السحرية التي ما انفكت تتزايد وتتراقص على صفحات جرائد الإعلانات، فسيارة بدون دفعة أولى هنا، وتقسيط لأربع سنوات هناك، لكن تبقى تسمية ذلك بغير «الاحتلال» خطيئة، خاصةً وأننا لم نعد نحظى برصيف خال من السيارات المتراصة بكل الاتجاهات، مما انعكس ترنحاً في خطوات المارة الذين أصبحت أطراف الشوارع رصيفهم الجديد، فأمسوا عرضة لكل أنواع الشوائب، من مياه تجري باحثة عن مستقر لها في بالوعة صرف صحي (لم تملأها الأتربة)، إلى التعثر في حفر البلدية المنتشرة في كل الجوانب، ناهيك عن تعرضهم المستمر لهمجية الزمامير، ومخاطر السرعات العالية، والاصطدامات البشرية – البشرية، أو البشرية – الشرطوية، عند الالتفاف أوعند الانعطاف.

 ولا يخفى على أحد أننا نعيش تحت رحمة صناع الأزمات المرورية، ابتداء من شرطي المرور وانتهاء بشركات السيارات، والقضية لا تتوقف على الأزمات المستمرة، فالغريب أن أعداد السيارات التي تجول الشوارع لا يزيد كثيراً عن أعداد السيارات المركونة، فتخيل يا رعاك الله أن تسير كل هذه الكائنات الحديدية دفعة واحدة في شورع المدينة! لن يتبقى حينها متر مربع واحد يعبر منه المشاة إلى الجانب الآخر لشيء كان يسمى طريقاً، وحتى لن يتوفر شارع واحد تستطيع أن ترنو إليه السيارات نفسها لتعبره، بل ستتجمد الصورة ولن يصل أحد إلى مقصده، إنه وبكل بساطة احتلال! احتلال السيارات للشوارع والأرصفة، ومعاناة يومية لشعب يرزح تحت بطش الكيان المعدني الغاشم.
 ولابد من التنويه إلى بلادة المكلفين بإيجاد الحلول لموضوع ركن السيارات على سبيل المثال، إذ نجد أحد الكراجات الطابقية وقد مضى على الشروع في بنائه ما يزيد على العشر سنوات (ذاك الملاصق لوزارة النقل!) وطبعاً لم ينته العمل فيه، كما لم تفلح الجهود المزيفة للحكومات المتعاقبة في إزاحة الهم المتمثل في ركن السيارات بعيداً عن الأرصفة حتى الآن، ربما لأن لكل مسؤول كراجه الخاص سواء في مركز عمله أو تحت بيته، وعلى هذا فإن المشكلة إلى ازدياد حتماً، وإلا فمتى ستتكرم الحكومة بوضع ضوابط على استيراد السيارات؟ وإلى متى ستسمح لمالكي السيارات القديمة والحديثة على السواء بالتمتع باستخدام الأرصفة وحرمان الناس منها؟!.

آخر تعديل على الأحد, 04 أيلول/سبتمبر 2016 13:45