وحدة الشيوعيين السوريين هي المهمة الأولى
نلاحظ في الفترة الأخيرة أن مناقشة وحدة الشيوعيين السوريين تأخذ مساحة ورقية جيدة على صفحات الجرائد الشيوعية، والكل بدأ يطرح وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع، تتضمن رؤى جديرة بالنقاش.
وهذا النقاش بدأ يزداد بعد طرح اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين مبادرتها، التي انطلقت من مراكمتها المعرفية، وقراءتها التاريخية والاستشرافية للأزمة في الحركة الشيوعية على الصعيد العالمي وعلى صعيد سورية، وآفاق حلها، فبينت بداية أن هذه الأزمة في الحركة، في حالة المد لدى العدو الطبقي والجزر لدى الحلفاء يكون هناك مزيد من التشظي والانقسام، ولم تتجاهل العامل الذاتي والخاص في سورية الذي ساهم أيضاً بتحويل الحزب إلى فصائل، الأمر الذي أدى في المحصلة أنه لم يعد يوجد حزب شيوعي حقيقي.
وإذا طرحنا سؤال: هل الظرف الموضوعي في البلاد يسمح لنا الآن أن نعتبر وحدة الشيوعيين هي المهمة رقم واحد وخاصة بعد انتقال الأزمة لعدونا الطبقي وبدأت عنده حالة الجزر؟
هل الوحدة هي استحقاق أدبي، وبالتالي هي موضوع لا يتعدى المجال النظري فقط، أم هي ضرورة يفرضها الواقع ويتطلبها المجتمع؟
هل هي تبرئة ذمة كما يريدها البعض من منطلق تسجيل كرات على بعضنا البعض؟
إذا أردنا أن نكون صريحين وشفافين، فعلينا الاعتراف أن الوحدة هي ضرورة، تزداد أهميتها مع اشتداد المخاطر التي تهدد الوطن عبر عدوان محتمل وشيك، والهجوم الشرس لقوى الشر في العالم على الشعوب، وازدياد شراسة الفساد الكبير في بلدنا سورية، وخاصة ما نلاحظه من ارتفاع أسعار وزيادة عدد العاطلين عن العمل وعدد الجياع، والهجوم على مكتسبات الطبقة العاملة باتجاه خصخصة قطاع الدولة، وهنا ما نزال ندعي ونؤكد في مقدمة كل نظام داخلي أننا الطليعة الواعية للطبقة العاملة، ونكثر الحديث عن أن القضية الوطنية هي من أولى مهام الشيوعيين.
هل التعامل مع كل هذه المهام الكبرى سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي هو في المستوى المطلوب لحالة المواجهة مع العدو واقتراب اللحظة الحاسمة؟
إن عدم وضع قضية الوحدة بالمقام الأول، ليس خيانة لمصالح شعبنا ووطننا فحسب، بل هو موت محتم لنا، وبالتالي لا يصح لنا أن ندعي أننا أصحاب مشروع طبقي ووطني محددين، إلا إذا، سرنا باتجاه التوحيد واستعادة الدور الوظيفي المنوط بنا، واستنفرنا طاقاتنا لمواجهة عدونا الرئيسي الخارجي والداخلي.
وكل ذلك يتوجب علينا أن نطرح الأمور بوضوح وصراحة، فإن الاستحقاقات لا تسمح لنا أن ننتظر، وليس من زمن متبقٍ، وإذا تأخرنا لن يغفر لنا شعبنا مطلقاً تهاوننا.
ثم هل تبقى معالجة أهم قضية، وهي وحدة الشيوعيين، خاضعة لعقلية اختصار كل الشيوعيين خلال كل تاريخ الحزب بأشخاص قلائل في قيادة كل فصيل، والصراع على قضايا ينطلق معظمها من أسباب شخصية؟
إن الصراع داخل الفصائل على هذا الموقع أو ذاك مع اقتراب أي انتخابات سواء مجلس شعب أو إدارة محلية أو نقابات هو استنزاف لطاقات الشيوعيين، ومن المعيب تحويل كل المهام الوطنية والطبقية باتجاه وصول هذا أو ذاك لمنصب ثانوي أو أساسي مع ربطة عنق وكرسي هزاز، تحت مسميات ما أنزل بها من سلطان، فهل هذه هي الموضوعية، وهل هذه هي الضرورات أم أن كل ذلك هو إغفال وإهمال للمهمة التاريخية المنوطة بكل شيوعي؟ إن هذا إن استمر يعني الموت الأكيد لنا جميعاً.
أؤكد مرة أخرى على أن عدم التوجه للوحدة وأخذ المبادرة وعودة الدور الوظيفي للحزب في القضايا المتعلقة بحماية الوطن ولقمة مواطنيه على كافة الصعد النضالية على الصعيد السياسي ـ والاقتصادي ـ الاجتماعي، سيدفع بالشيوعيين إلى الهاوية.
إن المبادرة إلى القيام بالمهام الوطنية والطبقية ستجعل الفرز فرزاً حقيقياً بين الشيوعيين، وتوضح للعيان بما لا يقبل الشك، من هو الشيوعي الحقيقي ومن هو الموجود لأنه موجود أو وجد، وإذا لم تعتبر قضية الوحدة هي المهمة (رقم واحد)، فتلك خيانة وطنية بامتياز.