كيف أصبحت شيوعياً؟

ضيفنا لهذا العدد الرفيق محمد وجدي سعدون سليمان.

الرفيق المحترم أبو ستالين حدثنا كيف أصبحت شيوعيا؟

بودي أن أبدأ حديثي بتوجيه تهنئة وتحية من القلب إلى جميع الشيوعيين السوريين وأصدقائهم بمناسبة حلول الذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس حزبهم، حزب الجلاء والخبز والكرامة والتقدم، كما أحيي كادحي وشعوب العالم بالذكرى التسعين لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، وأقول: كل عام والإنسانية بخير وحرية وسلام، مردداً قول الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري:

لمّوا الصفوف واقحموها كل باب يوصد

إذ  ذاك  لا مستعبد طاغ... ولا مستعبد

أنا من مواليد الدرباسية بمحافظة الحسكة عام1952، ابن عائلة زراعية معدمة، ومازالت قسوة تلك الفترة محفورة بذاكرتي إلى اليوم، فكثيراً ما كانت والدتي ترسلني إلى الجيران لنستدين حفنة طحين لتصنع منها خبزاً نستعين به على سد جوعنا، شأننا في ذلك شأن معظم العائلات الزراعية.

أنهيت تعليمي الابتدائي عام1964، والإعدادي عام1968، والثانوي عام1971، كل ذلك في بلدتي الدرباسية، وأول سماعي بالشيوعية يعود إلى زمن الطفولة وأنا في الابتدائية وذلك من خلال أحاديث أخي جميل «أبو طارق» وهو من عداد الشيوعيين الناشطين، وأتذكر أيامها كيف كان رجال الأمن من المكتب الثاني يداهمون بيتنا للقبض عليه، حتى والدي لم يسلم من شرهم، ودفع ثمن التزام أخي بالحزب، فقد كان الأمن يطلب ممن يسعى أبي للعمل عندهم عدم السماح له بالعمل بحجة أنه من عائلة شيوعية، لهذا عانت أسرتنا من صعوبات معيشية قاسية أجبرتني على العمل بالفلاحة منذ الطفولة وحتى نهاية دراستي الثانوية.

انتسبت إلى صفوف الحزب عام1966، عن طريق الرفيق الأستاذ إبراهيم، حيث شاركت الرفاق الطلاب نشاطهم السياسي الكبير، وبسبب ذلك النشاط فصلتني إدارة المدرسة لمدة أسبوعين، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية أرسلني الحزب إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية للدراسة، وهناك كنت ممثلاً للحزب في الاتحاد الوطني للطلاب العرب في مدينة (درسدن)، ومنها نلت شهادة الهندسة الكهربائية عام1977، وعدت إلى الوطن لأعمل في مديرية حقول نفط (الجبسة) ولأتابع نشاطي الحزبي والسياسي، ومن خلال العلاقات المتميزة مع العديد من المهندسين والعاملين في الحقل، جرى التعارف بين كثير من الرفاق الوافدين للعمل من كل المحافظات، وتم بناء تنظيم حزبي، ودخلت جريدة (نضال الشعب) بين العاملين في الحقل، وفي عام 1992، انتقلت للعمل في كهرباء الدرباسية، وأعتز أنني سعيت وبالتعاون مع المخلصين من العاملين في الكهرباء إلى تحسين الوضع الكهربائي للمدينة وقد نجحنا في تحقيق ذلك.

انتخبت عضواً في الإدارة المحلية بمجلس المحافظة، كما مثلت الحزب في فرع نقابة المهندسين بمحافظة الحسكة، وبعد التجربة الطويلة أستطيع القول بكل ثقة: إن عمل وتصرف أي رفيق يعطي صورة واضحة عنه.. عن دوره ومكانته وعن سمعة حزبه بين الناس، فكم من رفاق كان لتفانيهم وإخلاصهم وجديتهم في العمل لمصلحة الشعب والوطن تأثيره البالغ في خلق مناخ  صديق للحزب أفسح ويفسح المجال الرحب أمام اقتراب الكثيرين من التنظيم؟ وعلى العكس من ذلك فإن سوء التصرف وعدم النزاهة والركض وراء المصالح الشخصية والمكاسب أدى ويؤدي إلى ابتعاد الجماهير.

أما بخصوص ما تعرض له الحزب من انقسامات و(تخندق) مستهجن، مارسه بعضهم وللأسف مازال يمارسه ضد رفاقهم الذين اختلفوا معهم بوجهة نظرهم، فهنا تكمن المأساة، وهذا ما لا أجد له تفسيراً مقنعاً، فكيف يقاطع هؤلاء رفاقهم ويناصبونهم العداء لمجرد اختلاف في تقييم بعض الأمور، بينما يلتقون بآخرين بعيدين كل البعد عن ألف باء النضال الوطني والطبقي؟!.

لذلك، أهيب بكل الرفاق أينما كان موقعهم وتنظيمهم على ساحة الوطن أن يبذلوا صادق وخالص جهودهم من أجل وحدة الشيوعيين السوريين، والارتقاء بعملنا جميعاً إلى مستوى استحقاقات الأوضاع الصعبة التي تجابه جماهير شعبنا وتهدد وطننا، والخطوة الأولى هي أن نقترب من بعضنا بعضاً، وأن نلتحم بالجماهير الشعبية لنسير معها وبها لتحقيق أهدافها العادلة والمشروعة في العيش الحر العزيز، وأود أن أذكّر بجدوى وأهمية الأعمال والنشاطات المشتركة، ومنها على سبيل المثال الاعتصام الذي قمنا به مع الرفاق من تنظيم (النور) عام2005، في الذكرى الثانية للاحتلال الأمريكي للعراق، دعماً للمقاومة وتنديداً بالاستعمار الأمريكي ومشاريعه العدوانية  المجرمة، وكذلك الاحتفال المشترك معهم بالأول من أيار 2007 عيد العمال العالمي، حيث أقمنا خيمة مشتركة، وكان لهذا العمل وقعه الجيد بين الرفاق والأصدقاء، وشكّل حافزاً لنا جميعاً لمتابعة هذه النشاطات المشتركة، فهي وكما صرح الجميع إحدى السبل الهامة للقاء ووحدة الشيوعيين السوريين فهلا تابعنا العمل وهو واجب، وهذا ما ينتظره منا الأصدقاء، بل الجماهير الشعبية وقواها الوطنية، وشكراً لكل الجهود المبذولة في هذا المجال.