حسّيب
الثلاثاء الاقتصادي يحتضر
تعتبر ندوة الثلاثاء الاقتصادي إحدى السبل لتحقيق أهداف جمعية العلوم الاقتصادية للنهوض بالأبحاث المتعلقة بالعلوم الاقتصادية وخدمة القضايا المتعلقة بالاقتصاديات العربية عامة، وسورية خاصة، وتأمين العناصر الفنية التي يحتاجها النمو الاقتصادي والاجتماعي.( )
وكانت هذه الندوة عبر سنوات مضت حالة علمية معرفية متقدمة تقدم الفائدة للمتلقي على المستوى الوطني والشخصي، وهو جانب لامس طموحات ورغبات الباحثين والطالبين لمعرفة أو فائدة استطاعت الندوة عبر تفاعل مكوناتها أن تسد فراغ علمي معرفي وأحياناً كثيرة صوبت سياسات اقتصادية لحكومات تعاقبت لتحقيق الفائدة لوطن هو الآن في مرحلة تآكل اقتصادي واجتماعي.
هو ثلاثاء الاقتصادي متمثل وبأركانه...رئيس جلسة هو من أعضاء جمعية العلوم الاقتصادية.
محاضرون تناوبوا على محاضرات على مدى سنوات، حضور (جمهور) متعطش لجديد بدأ يفقده.
والمتابع يتلمس الآتي على المستويات الثلاث السابقة:
محاضرون أتعبهم المكان وأتعبوه، اعتادوا الكرسي وألفوا الحاضرين بعد أن تكرر ظهورهم لسنوات عديدة دون تقدم يذكر بما يقدموه. لا وقت لديهم لإعداد جدي للمحاضرة، فيكررون ويقصون ويلصقون الأوراق ويجمعون ما أتيح لهم من معلومات لتكتمل المهمة، مستفيدين من فطنتهم وإنجازاتهم العلمية التاريخية وحضورهم العلمي على الساحة لتكوّن عناصر كافية لمحاضرة معلوماتها متبعثرة مترددة... تشابهت في حالات كثيرة مع حلقة بحث موسعة تقدم في جامعة أو كلية أو معهد عال ألقيت على مهتمين هم الطرف الآخر المقرر بعد الإصغاء لإعطاء علامة النجاح أو القبول أو حتى الرفض الكلي لمضمون علمي فاته الزمن وتغيراته...
حضور وإعلام و(جرايد)... وجوهه تكررت: أساتذة، متقاعدون، يائسون، ميأسون، موظفون، طلبة كل منهم ينتظر فرصته السانحة ليعبر عن ذاته (مأساته)... يعتلي المنبر يقول ما يريد، يكرر ما يقول في كل مرة، ومهما كان العنوان، ويردد الحاضرون معه قوله في سرهم لكثرة ما تكرر... وفي التفاصيل... الهم الوطني بداية، ثم الغوص بعرض تجربته الحياتية الوظيفية بهدف مشاركة الحاضرين بالهم العام، ليصل لهمه العائلي عبر هذا المنبر، ليبتعد شارداً في أغلب الأحيان عن الهدف ليدخلنا أخيراً بتفاصيل شخصية وخاصة .
رئيس جلسة يشطها ويمطها يحاور يناقش يأخذ دور المحاضر والحاضر ويضّيع دوره ودور غيره من الحاضرين مع وقت مستقطع يعتذر في نهايته... يفترض نفسه على الحياد مرة وأخرى صاحب موقف واتجاه...أضاع دوره وضيع معه المتابعين. يتواضع فيقع في مطب الإطالة والسرد الذي يخرج الجميع عن صبرهم ويحرف هدف من حضروا.
خوف بدأ يتجسد عبر ما سبق في أن يصبح الثلاثاء الاقتصادي للبرستيج الإعلامي والاجتماعي لخدمة أهداف ذاتية وشخصية ليبتعد عن دوره الأساسي ،صورة تتكرر وتتجه لأن تصبح منحرفة عن أهداف عبر تغيير لدور هذه الجمعية ومحاضراتها .
والعمل على إخراجها من مأزقها بأسرع من الممكن أصبح ملحاً عبر تغيير في أركانها الثلاث السابقة انطلاقاً من خيارات جديدة نبدؤها بتطعيم جديد بمحاضرين وباحثين جدد حاملين لأبحاث أكثر جدية والتزاماً وعمقاً مما يقدم الآن... تفوقوا في كثير من الأحيان بها على أساتذتهم.
خطوة أولية ستدب الحياة وتكسر حلقة الدوران التي يدور حولها الجميع، وهم بدورهم سيخرجون المداخلين ورئاسة الجلسة من مأزقهم الذي يرفضون الاعتراف به، لتعود الحياة من جديد عبر فكر جديد وعلم متجدد ليس مهم من يحمله، لكنه يحافظ على أسس وجدت الندوة من أجلها..
