في الرقة: مجالس المدن والبلدات.. وهمٌ أم حقيقة!؟

إنّ المتابع لما يجري على مستوى الوطن، يجد أنّ كثيراً منه شكل دون مضمون فعلي وعملي، أو يجري تطبيقه بشكل مشوّه يفاقم معاناة المواطنين بدل أن يقوم بحل مشاكلهم، وقسمٌ كبيرٌ منه يصبح وهماً وخداعاً للمواطنين..!!

فمنذ سنواتٍ فائتة شكلت عدة بلديات في عددٍ من المناطق التي كانت تتبع سابقاً لمركز محافظة الرقة، وذلك وفق انتخابات شكلية، ونسبة كبيرة منها في المزارع، وأصبحت مستقلة نسبياً لها خططها ومجالسها، وتوفرت فيها بعض الخدمات الأساسية. ولكن اللافت للنظر أنه كلما دعت حاجة المسؤولين إلى تغيير رئيس بلديةٍ منها يتمّ ذلك بقرار من رئيس المكتب التنفيذي دون الرجوع إلى سكان هذه البلدة أو تلك، وكأنهم قاصرون ولا يعرفون من يصلح لإدارة شؤونهم، وبعضها يزيد عدد سكانها على 5000 مواطن، مثل بلدات ربيعة والقحطانية وحطين وما يتّبع لها.. وهذا ما دفع المواطنين لفقدان الأمل والثقة بكل ما يجري والعزوف عن المشاركة، وحتى أعضاء المجالس باتوا لا يعرفون شيئاً، فرئيس مجلس البلدية المكلف في البلدة هو الآمر الناهي، وهو الأول والأخير والنافع والضّار، وخاصةً إذا كان مدعوماً ويتمتع بجدار استنادي وقوّةٍ خفية تحميه، وإذا كان كريماً ومضيافاً تجاه المسؤولين، والعكس تجاه أبناء بلدته، وهذا ما أتاح انتشار الفساد وهيمنة بعض الفاسدين على حساب مصلحة المواطنين، والابتعاد عن تنميةٍ حقيقية للمجتمع والوطن.
إنّ الهدف من الإدارة المحلية هو تخفيف دور المركزية وتوسيع دور المشاركة الشعبية في القضايا التي تتعلق بالمواطنين مباشرةً، لكن الوقائع تقول عكس ذلك. من هنا نؤكد ونطالب بأن تكون مجالس المدن والبلدات هي صاحبة القرار في القضايا التي تخصها على الأقل، ومن حقها أيضاً أن تختار من يمثلها دون وصايةٍ وفرض، ومن لا يثبت وجوده بعمله وخدمته للمواطنين من حقهم إزاحته واستبداله، لا أن يبقى مهيمناً عليهم، كما من حقهم أيضاً التعبير عن رأيهم في القضايا العامة التي تشمل المحافظة ككل.
إن العودة إلى الجماهير هو فقط ما يمنح القوة والوحدة الوطنية، فهل هناك من يسمع ويقتنع ويتعظ؟.