أعراض العد التنازلي لامتحان «البكالوريا»
مع مرور أيام وأسابيع الفصل الدراسي الثاني، يبدأ العد العكسي للاستحقاق القادم، ويشرع طلاب البكالوريا بإحصاء الأيّام تنازليّاً وصولاً إلى يوم الامتحان النهائي، مع أعراض تتمثّل في: خفقان شديد في القلوب، كريزة تراكم المعلومات، إعياء مصحوب بأرق نتيجة تضخّم الآمال بأن تكون الأسئلة واضحة وتراعي مختلف المستويات، بالإضافة إلى عارِض يتجلّى في الحيرة المزمنة والتي منشؤها الكثافة المتزايدة في المناهج، وهذا العارِض بالذات يجعلني كطالبة لا أعرف من أين سأبدأ..
وبما أن وباء الحيرة تفشّى في جميع أرجاء كياني، فقد جعلني أهَلوِس قليلاً، ومن بين هذه الهلوَسات برز سؤال مُلِح: هل فكّر المؤلفون جدّيّاً فينا عندما وضعوا هذه المقررات؟ هل تمعّنوا مليّاً في أساليب إيصال معلوماتها مع حساب الوقت اللازم لإنهائها دون الحاجة إلى حصص وأيّام إضافية؟
إن هذه الضخامة تجعل الطالب- إذا ما نوى تقليب صفحات الكتب فقط – يتعرّض إلى ظهور بوادر السكتة الدماغية، لأن عليه حفظها كلّها، وإن استطاع حفظ رقم الصفحة أيضاً فهذا بمثابة صمّام أمان يقي من الوقوع في مزلق النسيان، وبالتالي ضمان النجاح في نهاية العام. فمثلاً: يتألّف منهاج الفلسفة للبكالوريا (الأدبي) من ثلاثة كتب: علم النفس ويتضمّن 282 صفحة، علم المنطق ويحمل بين دفّتيه 132 صفحة، أمّا العلوم الإنسانيّة فـ140 صفحة، والمجموع 554 صفحة لمادة الفلسفة فقط!، وكأنهم يريدون أن يكون كل منا أفلاطون أو سقراط!! أو أن نؤلّف كتباً كالمدينة الفاضلة (يوتوبيا)، أو حي بن يقظان!!.
وأخيراً أتوجه بالشكر للجهات المسؤولة عن التعليم في بلدنا، طالبةً منها الترؤف بحال أبنائها الطلاّب الذين يرتجفون خوفاً من هذا الامتحان المصيري، وآمل باسمهم علاج البدانة الدسمة للمناهج، هذا إن لم نتكلّم عن تخفيض معدلات القبول الجامعي لاسيما بعد تحميل الطلاب عبء مادة إضافية، جديدة على كثير منهم، ألا وهي مادة (اللغة الفرنسيّة)..