عصام اسحق عصام اسحق

بيئة.. بلا رتوش

«بلا رتوش» برنامج تعرضه الفضائية السورية، ويناقش مواضيع وقضايا جدية تهم المواطن والمجتمع..

في حلقة الأسبوع الفائت طرح البرنامج عبر مقدمته (ظلال حيدر)، ومعدّته (رؤيا كنعان)، موضوعاً ملحاً جداً، ألا وهو (البيئة)، وذلك ضمن إطار مساءلة المواطن والمسؤولين بوصفهم المناط بهاالحفاظ عليها... وفي هذه الحلقة تم استضافة كل من الدكتورة (سها نصار) وهي باحثة في شؤون البيئة، بالإضافة إلى الإعلامي (ميشال خياط) لاهتمامه وبحثه في حقل البيئة.. والحق يقال، فإن جهد المعدّة (كنعان) كان بارزاَ من خلال إعدادها للحوار والتقارير المتنوعة التي رصدت آراء الشارع، أما الإعلامية (حيدر) فكانت مناورة لا محاورة، حيث جعلت الحوار الذي بين يديها يصنع جوّاً من الموضوعية، والأخذ والرد، فجاءت الحلقة بعيدة عن المجاملات المملة والإملاءات المدرسيّة – التي اعتدنا مشاهدتها وسماعها على شاشتنا المحلية، وخاصة بوجود أشخاص ضمن بوتقة الحديث واقفين على طرفي نقيض. فتأكيد (حيدر) منذ بداية الحوار حتى نهايته على مسؤولية الدولة في الحفاظ على البيئة بقوة،  جعل الباحثين يتماهيان مع هذا التيار، حيث وافقت د. نصار – في البداية – على أوليّة دور الحكومة في هذا الشأن، ثمّ استدركت وضعها، فتراجعت وأخذت تدافع عنها وتلقي بعبء القضية على المواطن، الذي لا حول له ولا قوة على حد تعبير الإعلامية (حيدر)، التي أضافت بأن المواطن هو من يدفع ثمن التلوث ومن الطبيعي أن يأخذوا دوره، ولكن أين الخطط الوزارية والمشاريع الّتي تؤكد نيّة الدولة في حماية البيئة؟ فلو وجدت لما توانى عن تنفيذها وحماية نفسه قبل أية جهة أخرى. أما الإعلامي (خياط) فبرز كمحامي دفاع عن موكلين هما البيئة والمواطن، وتابع في دفاعه إلى آخر الحلقة بثبات المحاربين.

هذا وقد تم خلال الحلقة استعراض أشهر بؤر التلوث البيئي في سورية، وخاصة في الساحل السوري كمحيطيّ مصفاة بانياس ومعمل إسمنت طرطوس، بالإضافة إلى تدفق مياه الصّرف الصحي إلى عرض البحر مما ينذر بكوارث بيئية.

وفي هذا السياق لا يمكن نسيان معمل السماد في قطينة صاحب الفضل في اندثار البحيرة كمعلم سياحي طبيعي، وانقراض أنواع نادرة من الأسماك وإصابة معظمها بتشوهات جينية، وامتداد ذلك إلى البشر والشجر، هذا إن لم نتكلم عن مصفاة حمص العريقة الّتي جعلت المدينة تنعم بهواء تملؤه السرطانات والأوبئة، وطبعاً لن ننسى العاصمة دمشق التي أضحت سحابة الدخان والأبخرة الصناعية تحيط بها كما يحيط السوار بالمعصم، بدلاً من أن تحيط بها غوطتها التي كانت ذات يوم، مع أذرع بردى السبع، على قيد الحياة.

لقد أنهكت الشفاه والألسن من استجداء المسؤولين لكي يتحملوا وزر التخطيط العشوائي للمشاريع الصناعية والحيوية، وإنقاذ تردي الوضع البيئي في هذه البؤر وغيرها..  ولكن دون طائل.

نذكّر بأن كل ما برز في  حلقة بلا رتوش، سبق ونوّهت عنه (قاسيون) في أعداد سابقة ضمن تحقيقات مطولة دقت ناقوس الخطر، وأظهرت الوجه الحقيقي لكوارث بيئية قائمة أو محتملة ذات  بعد خطير على المواطن والمجتمع، وجعلت من هذا الملف حديث الناس، وبالتالي حفزت الاهتمام باتجاه الحفاظ على البيئة، وقاسيون ماضية في إبراز هذا الهمّ المؤرق والمتزايد لكي تكون بيئتنا حقاً: بيئة بلا رتوش.

آخر تعديل على الخميس, 18 آب/أغسطس 2016 23:25