محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

السلع المغشوشة تنتعش في رمضان.. والرقابة غائبة!

أصبحت سورية في الفترة الأخيرة مسرحاً لتدفق السلع والمنتجات الاستهلاكية والغذائية القادمة من الخارج، والمطلوبة بكثرة على الصعيد المحلي، ولكن اللافت أن معظم هذه السلع وخاصة في رمضان، يتعرض إلى درجة عالية من الغش والتزوير والاحتيال، بالإضافة إلى التلاعب بالمواصفات، حتى أن استطلاعات بعض وسائل الإعلام أكدت أن نحو /30%/ من محصلة السلع والمواد المتناثرة في الأسواق، المحلي منها والوافد، لا تحمل فعلياً الصفات المطابقة لبروشورات هذه المنتجات والسلع، وهو ما يعني وجود خداع حقيقي للمستهلك وربما للتاجر أيضاً، وتؤدي في المحصلة إلى اختلال شديد بعلاقة المواطن مع السوق والقيمين عليها..

وتشير إحصاءات وزارة الاقتصاد والتجارة الأخيرة أن عدد العينات المخالفة في السوق السورية إلى ازدياد، وبالتالي يمكن القول إن قصور أداء الجهاز الرقابي يلعب دوراً كبيراً في ذلك، وهو يتيح بدرجة امتياز تفاقم عمليات الاستغلال وزيادة أعداد وأنواع البضائع المغشوشة والسيئة.. فمن يحمي المستهلك من هذه السلع مع اكتفاء الرقابة بالتفرج وإيراد الأرقام المخفية للحقيقة كاملة؟

الخطير في الأمر أن الدخل الشهري المتدني جداً لأعداد كبيرة ومتزايدة من المواطنين السوريين يساهم في رواج السلع المغشوشة، فالمنتَج المقلّد أو غير المطابق للمواصفات المعلن عنها يباع بنصف القيمة كأقصى حد، وقد ينخفض دون ذلك، رغم أن الفرق بين المنتَجين، الأصلي والمزور، واضح بالمعاينة الأولية، سواء من حيث الجودة، أو من حيث التخزين والصلاحية، أو من حيث الاسم التجاري المختلف بحرف أو حرفين، لكن المورّد أو تاجر المفرق أو بائع الرصيف يدّعون بأن هذه المواد المطلوبة بشدة بجودة المواد الأصلية نفسها، ولكن تباع بنصف السعر تقريباً لأنها مرت خارج الجمارك.. أو لأنها باتت قريبة من نهاية الصلاحية.. إلى ما لا نهاية من حجج واهية.. وهذا ما يجعل المواطن يُقبل على شراء هذه المواد مرغماً كونها الخيار الوحيد المتاح أمام دخله الهزيل وقلة حيلته.

من ناحية أخرى، نجد أن معظم حالات الغش في أسواقنا الفلتانة من الرقابة تتركز في السلع الضرورية، والغذائية منها على وجه التحديد، كالرز والسمنة والأسماك والمواد المعلبة والمنظفات، وغالباً ما تكون على وشك انتهاء الصلاحية، هذا عدا عن التلاعب بالأوزان.. فكثير من الأحيان يكتب على غلاف المنتج أن وزنه /500/غ، بينما لا يزيد في الحقيقة عن /400/غ، ناهيك عن خلط المنتجات ببعضها مثل خلط زيت الزيتون بزيت الصويا، وخلط الألبان ومشتقاتها مع الماء، والعسل مع السكر...إلخ.. حتى أن المواد الالكترونية لم تسلم من هذه الجرائم حيث أنها تباع وهي تحمل شعارات ومصادر غير المصدر الحقيقي لها. ويمكن القول إن أغلب هذه العمليات تتم بعيداً عن الأنظار، وفي مناطق مخفية، وهذا ما يجعل الرقابة العاجزة أصلاً، بعيدة تماماً عن إيقافها أو ردعها.

ومما يثير العجب أن هذه المواد، ورغم كل ما يقال ويكتب عنها، ما تزال تتدفق إلى أسواقنا يومياً، وبحرية مطلقة، فأين الجهات الرقابية الرسمية؟ وأين جمعية حماية المستهلك؟ وأين التدابير الاقتصادية الجذرية؟ وهل يكتفي المعنيون بالأمر بإنزال العقوبات المالية والغرامات على بعض المخالفين الصغار بين الحين والآخر، بينما الموردون الكبار يستمرون في إغراق الأسواق بمستوردات ما أنزل الله بها من سلطان، دون أن يُسألوا مرة واحدة: ماذا تفعلون أيها الـ...؟؟.

آخر تعديل على الثلاثاء, 26 تموز/يوليو 2016 12:47