ما مبرر الصمت؟ هل هو تجاهل أم عدم اطلاع؟
نشرت قاسيون في عددها رقم /432/ الصادر يوم السبت 12/12/2009 شكوى من أهالي طلاب ثانوية دير العصافير المختلطة، محددة برسم السيد وزير التربية، وقد تضمنت الشكوى وصفاً لممارسات إدارة الثانوية التي أكد المشتكون أنها مستبدة، وتصل في غالب الأحيان حد الأذى الجسدي والنفسي للطلاب، الأمر الذي شكل مانعاً قوياً لكثير من الطلاب من الانتساب للثانوية، وتسبب بتسرب جميع طلاب الحادي عشر العلمي في السنة الماضية منها، ما أدى لعدم وجود شعبة بكالوريا علمي في الثانوية هذه السنة. وجاء في الشكوى المذكورة أنه تم فرض عقوبة حسم 5% بحق مدير الثانوية لمدة ستة أشهر بسبب الممارسات التعسفية والتجاوزات القانونية والإدارية المذكورة بقرار العقوبة، ثم كان هناك قرار لمديرية التربية في ريف دمشق بإنهاء تكليف المدرس «م.م.ح» بمهمة إدارة الثانوية للأسباب نفسها.
وكان أهالي الطلاب في ثانوية دير العصافير المختلطة يأملون من السيد وزير التربية اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أبنائهم من الظلم والأذى الذي يتعرضون له، ولكن الذي حدث أن المدير المذكور، وبقوة صِلاته بالمتنفذين الذين يحمونه ويشدون على يديه، استطاع عن طريق الرقابة الداخلية في مديرية تربية ريف دمشق الحصول على القرار رقم /3244/ الذي يتضمن تخفيف العقوبة من 5% إلى 3%، وإعطاءه فرصة جديدة، وربما مفتوحة، لإثبات جدارته.
قد لا نكون ضد هذه الخطوة، وقد يكون من حق أي كان أن يحصل على فرصة ثانية، ولكن الذي حصل أن هذا المدير استشرس أكثر من ذي قبل، وأخذ يزيد الأذى للطلاب بضربهم على ظاهر يدهم حتى تسيل منها الدماء، وقام بضرب الطالب (محمد علي الحمد) من الصف السابع وكسر له يده، وهدد أهله بفصله أو نقله إذا قدموا أية شكوى.
وعند فتح هذه القضية على صفحات «قاسيون» تجرأ عدد آخر من أهالي الطلاب وقدموا إلينا شكاوى جديدة عن ممارسات مدير الثانوية، كان أهمها أنه متطرف ومتشدد بالنسبة لصداقة زملاء الدراسة ضمن الثانوية، فكان يُشَهِّر بالبنات لمجرد الحديث مع زملاء لهن حول أمور الدراسة، وكان يتهم البنات بشرفهن زوراً وبهتاناً، الأمر الذي منع طلاب وطالبات القرى المجاورة من التسجيل في الثانوية.
أما في المخالفات الإدارية والمالية القانونية في الثانوية فمن المعروف عنه حسب الشهادات المقدمة، أنه لا يُرشِّح الطلاب لامتحانات الشهادة إلا بمقابل مبلغ مادي قيمته ألف ليرة سورية عن كل طالب، وعند النتائج يحدد رسوم توزيع الشهادة بـ300 ليرة سورية.
إن الكثير من هذه الممارسات كانت معروفة لدى مديرية تربية ريف دمشق والوزارة، وقد فتح التحقيق حولها، وأسفر عن إنهاء تكليف أمينة السر (ف.ج) وإنهاء تكليف مديرة مدرسة البنات (ف.غ) لمجرد تكتمهم عن أعمال المدير والتغطية عليها، وإنكار التهم الموجهة إليه، وجاء بالقرار (بسبب الحلفان الكاذب).
كيف يتم إنهاء تكليف المتسترين على الأفعال، ولا يتم إنهاء تكليف القائم بالأفعال نفسه؟! سؤال يفتح العديد من إشارات الاستفهام، ولكن تشرحه وتجيب عنه الممارسات التي قام بها بعد ذلك، وتدل على استقوائه بمعارفه وأصدقائه المتنفذين، ظناً منه أنهم يؤيدون ما يقوم به ويدعمونه للحفاظ على منصبه حتى النهاية، وقد صرح بذلك علناً أمام مجلس المدرسين في الثانوية، وهو يستخدم الكثير من الألفاظ النابية والشتائم بحق المدرسين والمدرسات الذين يعارضون ممارساته وأسلوبه في إدارة المدرسة، وقال إن أ تباعه خط أحمر لا يمكن المساس بهم، وحتى إذا نقل فسوف يبقى أتباعه ذوي ميزات إضافية في المدرسة، لأن له عيوناً في المدرسة ستبقى تحرسهم، أما الذين يحرضون الأهالي على الشكاوى فإنه يعرفهم، وإذا بقي في مكانه فإنه (رح يفرجيهم).. وقال بالحرف الواحد: (أنا بعرف مين يمين ومين يسار)!.
أخبرنا الأهالي أنه نمى إليهم خبر تثبيته في إدارة المدرسة بقرار من وزير التربية، بعد زيارة قام بها المدير إلى مكتب الوزير مع إحدى الشخصيات المتنفذة!
وهنا نتساءل: هل هذا صحيح يا سيادة الوزير؟! وإذا كان صحيحاً فكيف يتم تجاهل كل هذه الشكاوى من أهالي الطلاب؟! وإغفال كل التقارير والعقوبات المفروضة بحقه؟! وإذا لم يكن صحيحاً فكيف ما يزال هذا المدير على رأس عمله رغم وجود كتاب إنهاء تكليفه بمهمة إدارة الثانوية؟!
إن تربية الأجيال على أسس سوية يتطلب إجراءات حاسمة ضد ممارسات كهذه في حال ثبوتها، فالعنف لا يولّد إلا العنف والحقد والضياع، ومن واجب القائمين على العملية التعليمية والتربوية توفير الشروط الصحية والنفسية وكل سبل الراحة للطلاب، علّنا ننتج جيلاً قادراً على الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن رغم كل الصعوبات.