الإدارة الشعبية الذاتية في ضاحية قدسيا تجربة متميزة لفريق العمل الميداني

بات واضحاً عجز جهاز الدولة عن القيام بالدور المطلوب منه في ظل الأزمات المتعددة والمتلاحقة التي تشهدها البلاد جراء الأزمة الوطنية الشاملة، ولأن المجتمع كما الطبيعة لايقبل الفراغ فمن الطبيعي أن تبتكر الحركة الشعبية طرائق عمل ميدانية جديدة في إدارة أمورها طرائق تتجاوز بيروقراطية المكاتب، وفساد الفاسدين والتعقيدات المفتعلة التي يخلقها تجار الأزمات وهذا ما بتنا نشهده في العديد من المناطق والمواقع والأحياء والقرى لتقدم بشكل ملموس قدرة شعبنا المتجددة على الإبداع واستنباط الحلول لأعقد القضايا... إنها الإرادة الشعبية التي لا إرادة فوقها إذا وجد من ينظمها ويفعّلها... وبغية تسليط الضوء على واحدة من هذه التجارب التقت قاسيون مع مجموعة تطلق على نفسها ( فريق العمل الميداني) وسجلت بعض جوانب التجربة.

بدأ الفريق عمله في 13/8/2012 من أجل إيجاد الحلول لانعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تستفحل يوماً بعد يوم على المواطنين ولمعالجة الهموم اليومية ولكبح جماح تجار الأزمة الذين يشبهون المافيات احياناً.

إن جوهر هدف الفريق هو مساعدة المواطنين السوريين بكافة أطيافهم لتأمين احتياجاتهم الضرورية ومستلزمات الحياة اليومية، وبغض النظر عن مواقفهم.

بدأ الفريق العمل بحل مشكلة الغاز في مدينة ضاحية قدسيا كخطوة أولى وتجريبية على الأرض بعيداً عن البلديات والمختار واللجان وبعيداً عن قوة العطالة وأمراض الفساد المزمن والعقلية القديمة التي لا تعمل إلا بالروتين القاتل، استخدمنا الأساليب المتطورة «بعملية التوزيع» أو تسويق المنتج من خلال التعاون المثمر والتفاهم بين الفريق والمواطنين الذين لم يعد مقبولاً لديهم التعامل مع هذا المسؤول الفاسد أو ذاك، بسبب انعدام الثقة... وبالفعل حلت المشكلة تماماً، فلا ترى الآن اختناقات وازمة في هذه المادة وكذلك بالنسبة للمازوت.

 

لا للجان القديمة

ففي أزمة المازوت ولاسيما أن فصل الشتاء على الأبواب كان لابد من حل المشكلة أيضاً لأكثر من 100 ألف مواطن وبدأنا بتوزيع 200 لتر على كل بيت في ضاحية قدسيا ولاقى الفريق تعاوناً من الأهالي خاصة أنهم لم يعد لهم الثقة باللجان القديمة التي كانت تتحكم بسعر وطريقة توزيع أي مادة، وقد أعلن الأهالي أمام الملأ أنهم من الآن لن يتعاونوا مع تلك اللجان.

 

لا للمافيات

الأمر الملفت المحاربة شبه المنظمة من تجار الأزمات والمافيات في إحباط أي جهد تقوم بها الفئات الشعبية بشكل مستقل سواء فرق العمل أو حتى جهات في الحكومة ما تزال ترى أن المواطن هو الأهم في وطننا.

بعد هذه المرحلة التي سجلت نجاحاً مبهراً من خلال التعاون بين الشرفاء والغيارى في أجهزة الدولة ومنها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وهي المعنية بالأمر ووزارة المصالحة الوطنية ضمن شعار موحد رفعه فريقه وهو «لا للواسطات ولا للمحسوبيات» وإيصال المادة لمن يستحق.

 

قريباً في كل المناطق

كان النجاح في هذه المنطقة حافزاً للانطلاق إلى مناطق أخرى تعاني من وجود أزمة الغاز مثل «ركن الدين وخاصة المواطنين الفقراء القاطنين في المنطقة الجبلية، ثم كان التوجه للحجر الأسود، ومنطقة خان الشيح والقرى المجاورة لها منها قرية بيت تيما وقرية كفر حور....»

وقد استطاع الفريق الذي سمي فيما بعد «فريق العمل الميداني » النجاح نفسه في جميع هذه المناطق كما كانت البداية الناجحة.

فيما بعد كان الجولات الميدانية من فريق العمل بين الأحياء الشعبية والقرى بعد أن وجدنا توفر معظم المواد الاستهلاكية والرئيسية والتي لا توزع بشكل مقصود وبفعل فاعل من المسؤولين من بعض اللجان الشعبية والمخاتير وأمناء الفرق الحزبية، فكانت الفكرة إيجاد طرق أخرى لأخذ المبادرة من هؤلاء.

الفريق الآن وضع خططاً متعددة لإيجاد الحلول الآنية لبقية المناطق والذي بدأ معها العمل، وسر نجاح الفريق كانت الصدق مع الناس وتقديم نموذج أفضل من النموذج المتبع دقة وسرعة بالعمل وإنجازه.

الأزمة الثالثة التي اتجه الفريق لمعالجتها هي توفير المواد الاستهلاكية وبأرخص الأسعار وتوزيعها بكميات كافية وخاصة المواد المقننة (سكر ــ رز) بالإضافة إلى المواد الأخرى من زيت وسمنة والعمل على إيجاد أماكن خاصة للتوزيع تكون بعلم المواطنين ساعة وتوقيت التوزيع.

نتعاون

الفريق ولكي لا يبخس حق أحد يتوجه بالشكر لإدارة المؤسسة العامة الاستهلاكة وإدارة «الريف» التي قدمت خدمات جمة أثناء فترة العيد والتعاون في العمل لإيصال تلك المواد للمواطنين على الرغم من الأوضاع الأمنية الصعبة في الوصول إلى تلك المناطق.

الفريق كان وما زال مطلبه الوحيد من الجهات المعنية تسهيل مهمته في التحرك والوصول إلى الأماكن التي يتوجهون إليها لحل مشاكلهم بسبب الصعوبات الأمنية التي يواجهونها وكثرة الحواجز التي تمنع من وصولهم أحياناً.

لم يغب عن فريق العمل القيام بمهمات أخرى فكان له العمل ضمن الإمكانيات الموجودة في الطاقم الذي يعمل ضمن وزارة المصالحة الوطنية لتأمين كافة السلل الغذائية للمهجرين من منازلهم والنازحين من المحافظات الأخرى وحتى ضمن المناطق المنكوبة. وكان توجه العاملين في الوزارة إلى ضرورة الإبقاء على من تبقى من المواطنين ضمن أماكن سكنهم للتخفيف من حدة النزوح وإعادة الحياة لتلك المناطق كما كانت من قبل.

وحسب فريق العمل فإن الحصص الغذائية كانت تتضمن سلة غذائية كاملة مع كمية مطلوبة من المفروشات «حرامات، مراتب اسفنجية، مخدات.. إلخ».

ويؤكد أعضاء الفريق أنهم لجان مبادرة شعبية أو فريق عمل ميداني مستقل لا علاقة له بالانتماءات السياسية على الرغم من أنه في عضويته أصحاب مختلف الآراء والانتماءات والتوجهات والمواقف ومع ذلك لاقى بعضهم التهديد المباشر أو غير الماشر عبر التشهير بهم سواء إعلامياً أو عبر بعض أناس محسوبين على بعض الفاسدين الذين كانوا مستفيدين من الحالة قبل أن يستلم فريق العمل هذه المهمات.