من هو صاحب القرار في المؤسسة السورية للطيران؟..  وهل هناك «نازحون» في مطار دمشق الدولي؟

من هو صاحب القرار في المؤسسة السورية للطيران؟.. وهل هناك «نازحون» في مطار دمشق الدولي؟

مشهد النائمين في مطار دمشق الدولي، مع أمتعتهم وأغطيتهم، وانتشار القمامة ومخلفات هؤلاء، كان صادماً بالنسبة لرياض الذي عاد إلى دمشق بعد غياب دام حوالي 5 سنوات.

يقول رياض «ارتمى عشرات الأشخاص على أرض صالة الانتظار في المطار، ظننت بداية أن هناك نازحون يعيشون هنا، وحتى اليوم لا أعلم من هؤلاء، لماذا جاؤوا ليناموا في المطار، ومعهم أمتعتهم وأغطيتهم وأفراد العائلة كلهم؟».

ماذا لو تعطلت في الجو؟

عائلة أبو أحمد خرجت لوداع ابنتها وزوجها المتجهان نحو القاهرة من مطار دمشق. كان موعد الطائرة فجراً، إلا أن الموعد تأخر أكثر من 5 ساعات، لأسباب غير معروفة، لكنها تتعلق بوجود طائرة وحيدة للمؤسسة العامة للطيران، إضافة إلى «إهمال المؤسسة» على حد تعبير رب العائلة، والذي بات يتطلب إجابات ملحة وفورية.

ولا تملك هذه المؤسسة رغم بقاء موظفيها وهيكليتها كلهم، سوى طائرة واحدة فقط، بدأ المسافرون يخشون تعطلها في السماء والتسبب بكارثة كبرى، وخاصة بعد أن توقفت  طائرة الإيرباص A320 –YKAKA الوحيدة العاملة في المؤسسة بداية الشهر الماضي، مما أوقف رحلات ذلك اليوم.

الطائرة التي تحمل اسم «أوغاريت»، تعرضت لعطل فني طارئ في «مطار جدة» بعد أن كانت جاهزة للإقلاع منه، مما استدعى قائد الطائرة التوقّف والعودة لإصلاح العطل، وبينت المؤسسة حينها أن الطائرة ستخضع عند العودة إلى دمشق، لفحصها الاعتيادي، وستقوم بتنفيذ رحلة القاهرة مباشرةً، أي أن هذه الطائرة لا ترتاح رغم أن عمرها يبلغ أكثر من 17.5 عاماً، وقد سجل أول اقلاع لها عام 1998.

إدارة دون صلاحية!

وحين توقفت الطائرة الوحيدة نتيجة العطل الطارئ، ورد في بيان نقابة «عمال النقل الجوي»، عبارة لم يتم التبحر بها، وهي قد تختصر حال تلك المؤسسة التي «ينخرها الفساد» بحسب أحد الاقتصاديين.

وقد ورد في البيان عبارة «ضرورة الاهتمام الشديد بوضع مؤسسة الطيران السورية، التي تمرّ بظروف صعبة ويجب أن يعطى المدير العام، ومجلس الإدارة الصلاحيات كاملة لإنقاذ المؤسسة، ولا يكفي القرارات التي تبقى حبراً على ورق».

 وما يثبت أن هذه المؤسسة قد تكون ليست صاحبة قرار في شيء، هو اتصال هاتفي أجرته إحدى الإذاعات العاملة بدمشق، رغبة بالحصول على إجابات حول تلك التساؤلات كلها، إلا أن المؤسسة رفضت رفضاً قاطعاً لأسباب مجهولة، وقد ورد على لسان أحد المسؤولين هناك بأن «القضية كبيرة وأكبر مما تتصورون، وهناك توجيهات بعدم الحديث بها!».

قد يتبادر للذهن بأن تلك التوجيهات هي من وزارة النقل، وعلى ذلك، أرسلت إذاعة ميلودي إف إم كتاباً لوزير النقل، الذي وجه الكتاب بدوره للمؤسسة، لترفض الأخيرة الحديث مرة أخرى!.

ظروف هذه الشركة السيئة كلها، تساعد الشركة الخاصة الوحيدة للطيران في سورية، والتي تملك أسطولاً لا يستهان به، في احتكار سوق الرحلات إلى بعض الوجهات، دون أن تقع بمشاكل الحصار الاقتصادي والعقوبات عند الصيانة، كما تتحجج المؤسسة في عدم صيانة حوالي 9 طائرات ضمن أسطولها، الذي ضم أكثر من عشر طائرات عام2009.

 من يريد «قتل» المؤسسة؟

وكأن هناك من يريد قتل هذه المؤسسة العامة ببطء، فمع نهاية العام الماضي، كشف تقرير لصحيفة «البعث»، إنه عُرض على المؤسسة شراء عشر طائرات أوكرانية من نوع «أتانوف» خلال العامين الماضيين، إلا أن المؤسسة تخلت عن تلك الصفقة بعد مفاوضات استمرت لأشهر طويلة، ولأسباب مجهولة!.

وأيضاً، سبق للمؤسسة وأن كشفت عن تعمير محرّكين لطائرتين بتكلفة وصلت إلى ملياري ليرة خلال الأشهر الماضية، مؤكدةً أنه «لا خوف على مستقبل صيانة وتعمير محركات الطائرات العاملة في الحقل الجوي السوري»، بحسب مانقلته التقارير التي أكدها مصعب أرسلان، مدير المؤسسة العربية السورية للطيران، بداية العام الحالي عندما أكد وجود محاولات «حثيثة» لتجاوز مسألة العقوبات المفروضة على المؤسسة بالتعاون مع «الدول الصديقة»، قائلاً «بدأت المؤسسة بالتعاون مع الأصدقاء بمشروع تعمير محركاتها وستظهر نتائجها قريباً».

من يتحكم بها؟

أرسلان كرس بتصريحه علناً بأن قرار المؤسسة ليس بيده، حينما قال: «هناك توجيهات من مستويات عليا لتأمين مستلزمات الطائرات كلها عن طريق الموارد الذاتية، بالتعاون مع الأصدقاء الدوليين»، وكأن المؤسسة كانت تنتظر تلك التوجيهات للاستفادة من الدول «الصديقة»، وكأن هناك من يمنعها من ذلك.

وبغض النظر عن صاحب القرار، إلا أن شماعة العقوبات الاقتصادية لم تعد مقنعة اليوم، وخاصة مع وجود شركة خاصة أخرى تستطيع صيانة طائراتها بسهولة، ووجود تجار استطاعوا كسر العقوبات لاستحضار بضاعة، صنفت على أنها «للرفاهية»، عدا عن وجود «دول صديقة» يمكن الاستيراد عبرها كوسيط. 

مصادر إعلامية أكدت مؤخراً، أن مؤسسة الطيران السورية تستعد حالياً لاستقبال أول طائرة تم تعميرها في إيران، وأن أسطول السورية للطيران سيرتفع إلى ثلاث طائرات مع البدء بتعمير طائرة إيرباص ثالثة، تم تأمين محركها بمساعدة إيران ويتوقع تسليمها خلال شهر، وسط عدم تفاؤل المراقبين، خاصة وأن وعوداً سابقة مشابهة تقريباً، لم تنفذ، إضافة إلى أن 3 طائرات يبقى عدداً غير كافيٍ للدخول في منافسة الشركة الخاصة الوحيدة التي تعمل اليوم بقطاع النقل الجوي.