أين تنفق الوزارات ميزانياتها؟ وخدماتها في أسوأ حال!

أين تنفق الوزارات ميزانياتها؟ وخدماتها في أسوأ حال!

مشاكل بالجملة يعيشها المواطن السوري، وترد في واقع الخدمات العامة، حيث ما تزال ساعات التقنين في ذروتها بعدة مناطق من ريف دمشق، في حين تعاني أحياء العاصمة من عشوائية في التقنين، بينما تعتبر خدمة الإنترنت في أسوأ أحوالها مع البطء الشديد الذي تشهده الشبكة والانقطاعات المتكررة في الاتصال على مدار اليوم وفي معظم مناطق دمشق وريفها.

أروى المصفي

أما المعاناة الجديدة القديمة التي تعود للواجهة حاليا فهي ضعف شبكة الاتصالات الخلوية في العديد من المناطق، وتحديداً في فترة انقطاع الكهرباء، حيث تخرج أجهزة الاتصال عن الخدمة في أوقات التقنين، ما يسبب العديد من المشاكل والتأخير والتعطيل للمواطنين، في وقت ما يزال إهمال خدمات الصرف الصحي في مناطق العشوائيات مشهداً لا يغيب صيفاً وشتاء، بسبب قلة المتابعة للمواسير المتكسرة والتسربات الحاصلة في الأحياء.

زيادة التقنين رغم انتفاء الأعطال

واشتكى مواطنون في العاصمة دمشق من عشوائية ساعات التقنين وزيادتها بشكل واضح، خلال الفترة القريبة الماضية، إذ بات الوصل لا يتجاوز النصف ساعة في عدة مناطق، بينما زادت ساعات القطع عن الأربع ساعات، ما أثار استياءً وتساؤلاتٍ عن سبب ذلك.

وتزامن ذلك مع انتشار أنباء عبر صفحات الأخبار على «فيسبوك» عن إنجاز إصلاح خط الغاز العربي الذي تعرض للتفجير منذ أعوام، وكانت الحجة الحاضرة للمسؤولين في قطاع الكهرباء، عن ضعف تغذية المنطقة الجنوبية بالوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة، وبالتالي اعتبار تعطله سبباً أساسياً للتقنين هناك.

وقالت سناء من سكان ركن الدين في دمشق، إن الكهرباء باتت غير مضبوطة نهائياً، حيث لا نعرف وقتاً للقطع ولا للوصل، فبعد أن تحسنت بشكل كبير سابقاً، عادت للفوضى والعشوائية، ولم تعد تأت أوقات متواصلة معينة.

وتابعت سناء، وهي ربة منزل 54 عاماً، إن القطع كان يحصل حتى في ساعات الوصل، فرغم أن النظام العام لها مؤخراً هو 3 قطع و3 وصل، إلا أن الانقطاع يحدث حتى ضمن الوصل، ولا تتجاوز مدة توفر التيار ساعة ونصف، لافتة إلى أنها بقيت على هذه الحال حوالي الأسبوع، لتعود للانتظام منذ يومين.

من جانبها قالت فريال من سكان جرمانا في ريف دمشق، اعتدنا لفترة طويلة على نظام 2 ساعة وصل و4 ساعات قطع، ثم تغير مؤخراً إلى ثلاثة بثلاثة، لكنها لم تدم طويلاً حيث كان التقنين عشوائياً وغير ثابت.

وأردفت فريال ربة منزل وأم لأربعة أولاد، رغم الحديث عن تحسن في التيار الكهربائي وعدم وجود أعطال في الفترة الحالية، إلا أن الكهرباء عادت لنظام التقنين القديم، أي 4 قطع و2 وصل.

في حين اشتكى آخرون في جرمانا من وصول ساعات التقنين إلى 5 ساعات متواصلة، بينما جاء التبرير من مصدر في وزارة الكهرباء حول ذلك تحديداً، إن التيار قد عاد بشكل مؤقت لنظام تغذية 4/2 في المناطق  جميعها بسبب توقف 3 عنفات توليد لإجراء أعمال صيانة لها، الأمر الذي فرض عودة التقنين القديم لفترة محدودة لن تتجاوز يوم الثلاثاء أو الذي يليه، حيث سيعود التقنين 3/3 بشكل دائم.

وفي متابعة مع سكان جرمانا، لم يتم تنفيذ هذا الوعد، حيث مازال التقنين لحين إعداد المادة مستمراً بأربع ساعات قطع وساعتي وصل لا أكثر.

ومن جهته، عبر مسعود من سكان صحنايا في ريف دمشق، عن استياءه الشديد من انعدام الاهتمام بوضعهم في صحنايا، معتبراً أنها الأسوأ من ناحية الخدمات سواء كانت الكهرباء أو المياه.

وأوضح مسعود، إن الكهرباء عندما تحسنت في العاصمة وباتت ساعات القطع قليلة، كانت تصل في صحنايا إلى 3 ساعات كاملة، بينما لم تتجاوز مدة الوصل في أحسن أحوالها الساعتين.

وكالعادة كانت التبريرات جاهزة من الجهات الحكومية، لتتذرع هذه المرة بسوء الأحوال الجوية وبرودة الطقس، الذي دفع المواطنين لزيادة استهلاك الطاقة، دون وجود أي عطل فني، على حد تعبير وزارة الكهرباء.

الإنترنت: مواطنون يدفعون اشتراكاً

 لقاء خدمة غير موجودة

ولم يكن حال الانترنت بأفضل من خدمات أخرى نظيرة، حيث كان الجشع الذي لا حل له، من قبل شركة الاتصالات السورية، سبباً هذه المرة في معاناة المواطنين، إذ استمرت الشركة بتركيب بوابات انترنت جديدة، وبيعها للمشتركين، رغم علمها بوضع الشبكة غير المؤهل لاحتمال هذا العدد كله من البوابات والاستهلاك للخدمة.

كما لم يتم استكمال توسيع الشبكة بما يتلاءم مع الطلب المتزايد على البوابات، ما أدى للضغط عليها وبالتالي تدني مستوى وجودة الخدمة، وبطء الاتصال والطلب، فضلاً عن تكرر الانقطاع خلال أوقات مختلفة من اليوم.

واعترفت الشركة السورية للاتصالات بالإشكال الذي سببه استمرارها بتركيب البوابات، حيث قررت مؤخراً إيقاف تركيب أية بوابات جديدة للإنترنت بشكل مؤقت، ريثما يتم معالجة موضوع الضغط على الشبكة.

وتأتي إجراءات الشركة، في وقت، لا يغيب فيه عن الذهن، جزئية هامة جداً تتعلق بخدمة الإنترنت في سورية، ألا وهي أنه في «البوابة الواحدة يشترك من شخص إلى 8 أشخاص، وتقسم السرعة عليهم، حيث توزع مثلاً سرعة 1 ميغابايت على 6 أو 8 مشتركين إن استخدموا الانترنت في فترة واحدة، رغم كون كل مشترك منهم يدفع القيمة الكاملة للاشتراك بالخدمة ذات السرعة 1 ميغابايت»، على حد قول مدير الإدارة التجارية في الشركة أحمد سنبل.

وتؤدي مشكلة الإنترنت إلى الكثير من التعطل خاصة مع انتشار العديد من المهن والأعمال المعتمدة على الإنترنت بشكل أساسي، فضلاً عن اعتماد فئة من الطلاب الجامعيين، وتحديداً التابعين للجامعات الخاصة على شبكة الإنترنت في الحصول على معلوماتهم ومحاضراتهم، أو مواعيد الدوام والعملي وغيرها من تفاصيل هامة.

وهو ما اشتكت منه نهال الطالبة في كلية الصيدلة بإحدى الجامعات الخاصة، إذ تواجه صعوبة كبيرة أثناء محاولتها الاتصال بالإنترنت لغرض الدراسة، حيث يجب عليها متابعة كل ما ينشر على صفحة الجامعة وغالباً يتم تحميل المحاضرات والبرامج على الصفحة لتكون متاحة للطلاب كافة، إلا أن انقطاع الاتصال وبطئه في حال كان متوفراً، يسبب لها مشاكل وتعطل غير محمودة عواقبه.

من جهته قال هيثم، يعمل محرراً عن بعد في أحد مواقع الإنترنت الإخبارية، أن العمل بات صعباً للغاية، ففي كثير من ساعات النهار، تتعطل الخدمة، أو تكون بطيئة بحيث لا يمكنه تصفح المواقع والحصول على معلومات لعمله، ما يسبب له مشاكل مع إدارة الموقع، على حد قوله.

وأضاف هيثم، أنه يواجه وزملاؤه المشكلة ذاتها، بما «يجعل من الصعب أن يحل أحد الزملاء مكاني للتعويض، وبالتالي المتضرر الأكبر هو الموقع وصاحب العمل، الذي يرى تأخراً في متابعة وتحديث المواد المنشورة على الموقع».

الصرف الصحي بحاجة لتصريف

وبالنسبة لوضع خدمات الصرف الصحي، فما زال منظر الشوارع والأحياء المغمورة بتسربات مياه المجارير، ورائحتها النتنة تنتشر في مناطق العشوائيات، بعيداً عن أعين المتابعة والاهتمام، حيث يشتهر فصل الشتاء بطوفان الأحياء مع انسداد فتحات التصريف، وفيضان مسارب الأمطار، لعدم تأهيل الشبكة بما يتناسب مع المتطلبات، في حين تبقى الكثير من المواسير المنكسرة أو المنفجرة على حالها لأعوام، لتفوح منها الروائح وتكون عاملاً جاذباً للحشرات ومسبباً للأمراض، مع انتقال المياه المتسربة لأحياء مجاورة واستمرار سريانها خاصة في مناطق المرتفعات.

الحديث عن التقصير الحكومي وسوء التخديم لمعظم المناطق وتحديداً العاصمة دمشق، لا ينتهي ببساطة عند هذه المشاكل، إلا أن أياً من الشكاوى ومحاولات تسليط الضوء والمطالبات بتحمل المعنيين لمسؤولياتهم وواجباتهم، لا تلق تجاوباً، أو محاسبة للمقصرين، ما يؤدي لاستمرار المعاناة، في ظل اللامبالاة والاستهتار والفساد المستشري بين بعض موظفي ومسؤولي القطاع الخدمي بكل مجالاته، ولتستمر وتتزايد معاناة المواطن أعوام وأعوام.