حلب.. المسؤولون .. مسؤولون عن ماذا؟
أهالي حلب مقهورون ومطحونون من قبل مؤسسات الدولة وتجار الأزمة، فساد وجوع وعطش، فما زالت المعاناة مستمرة وتتفاقم يوماً بعد آخر على مستوى كل الخدمات التي من الواجب توفرها للمواطن الحلبي، بالإضافة إلى تدهور الواقع المعيشي جراء عدم تناسب الدخول مع الارتفاعات الجنونية للأسعار وفلتانها، بظل غياب الرقابة الحقيقية والفعلية على تجار الأزمة، الذين فرخوا وتزايد عددهم كما تعمقت صلاتهم ومحسوبياتهم.
تكاثرت الوعود كما تعددت المبررات والمسوغات التي تقدمها الحكومة عبر مؤسسة الكهرباء والمحافظة في حلب بشأن واقع الانقطاع شبه التام للكهرباء عن المدينة، والاعتماد المطرد على أصحاب المولدات من القطاع الخاص للقيام ببيع الأمبيرات للمواطنين، توقف محطات أو قطع في الشبكة أو عطل في خط توتر أو عدم توفر الوقود، كل تلك الأسباب المكرورة والمعادة على مسامع أهالي حلب، وبالنتيجة ما زالت أزمة الكهرباء تراوح مكانها، كما مازال تجار الأمبيرات يجنون الأرباح الخيالية على حساب المواطن.
تسعيرة غير ملزمة
على الرغم من اعتماد تسعيرة للأمبيرات من قبل المحافظة كي يتم التقيد بها من قبل أصحاب المولدات بحدود 450 ل.س، إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك، فلم يتقيد هؤلاء بالتسعيرة المعتمدة وما زال كل منهم يقوم بالتسعير على هواه، حيث ترواحت الأسعار بين 800 ل.س لتصل إلى 1400 ل.س لكل 8 ساعات تقريباً حسب المناطق، ولا رقابة ولا من يحزنون، هذه النفقة الأسبوعية التي يتكبدها أهالي حلب لقاء خدمة من الواجب أن تكون الدولة مسؤولة عنها، أو الحد الأدنى مسؤولة فعلاً عن تقدير تكلفتها الحقيقية وتسعيرها ومراقبتها.
أهالي حلب يتندرون، فعندما زارهم رئيس الحكومة منذ فترة، بقيت الكهرباء واصلة طيلة النهار، وعندما غادرها عادت حليمة والتقنين كما سبق وأسوأ، ويتساءلون كيف استمرت الكهرباء بوجوده دون أعطال؟ وما هي حقيقة هذه الأعطال التي يتم تفعيلها بكبسة زر؟ ولمصلحة من غير أصحاب الأمبيرات وشركائهم من الجشعين والفاسدين هنا وهناك؟!.
والماء أيضاً
لم تقف حدود أزمة الكهرباء عند واقع تأمينها كخدمة فقط، بل تعدتها إلى واقع تأمين الخدمة المرافقة لتواجدها وهي تأمين المياه، حيث يعاني أهالي حلب من العطش بسبب عدم ضخ المياه في الشبكات لعدم توفر التغذية الكهربائية بشكل دائم، مما يضطر الأهالي للاعتماد على أصحاب السوتيرات وصهاريج الماء، ما يعني معاناة ونفقة إضافية كبيرة، ليس ذلك فقط بل قامت مؤسسة المياه بإغلاق مناهل المياه أمام المواطنين في بعض المناطق، وتركها مفتوحة لأصحاب الصهاريج الذين يقومون ببيعها للأهالي، وكذلك هو حال الأمر من الوعود والمبررات والمسوغات، والتي أهمها عدم توفر الوقود لتشغيل المضخات كبديل عن توفر الكهرباء.
وكذلك يتساءل الأهالي عن قدرة أصحاب الأمبيرات من توفير الوقود اللازم لمولداتهم، وعدم قدرة مؤسسات الدولة عن توفير هذا الوقود لتشغيل مضخات المياه في حلب؟!، وأيضاً مع سؤال هام لمصلحة من يتم ذلك غير لمصلحة أصحاب السوتيرات والصهاريج وشركائهم من الجشعين والفاسدين هنا وهناك؟!.
ومعاناة أطفال
مفاعيل أزمة المياه وحالة العطش تعدت إلى حدود امتناع بعض الأهالي عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، وذلك لعدم توفر مياه في دورات المياه في المدارس، ما يعني عودة الأطفال إلى منازلهم متسخين وقذرين في بعض الأحيان، أو عدم رغبة الأطفال أنفسهم بالذهاب إلى المدرسة بسبب ما يعانونه طيلة الدوام من ضغوط وحصر، كون تلك الدورات التي من الواجب توفر المياه بها بات المتوفر بها القذارة والأمراض بدلاً عنها، وأيضاً مع غياب شبه تام لدور بعض الإدارات بتلك الحالة لعدم الاختصاص، فالمشكلة بكل بساطة هي مشكلة عدم توفر المياه.
خارج التغطية
ومع غياب الكهرباء والمازوت والغاز ووسائل التدفئة الأخرى، بات واقع الشتاء على الحلبيين أقسى وأشد وطأة، ناهيك عن الانقطاع شبه الدائم لشبكة الاتصالات والنت بشكل خاص، حيث بات المواطن الحلبي خارج التغطية هو ومعاناته اليومية، اعتباراً من واقع الحرب القائمة والتي تطال يومياً أحياء حلب بقذائف من هنا وهناك وما يرافقها من أضرار مادية وبشرية، إلى واقع الحصار الذي عانى منه الأهالي لفترة ليست بالقصيرة، مع الندرة بالمواد الغذائية وارتفاع أسعارها كما غيرها من المواد الأساسية الضرورية الأخرى، إلى نقص الأدوية والعلاجات وخاصة للأمراض المستعصية أو الدائمة والمزمنة، وبالمختصر معاناة معيشية وخدمية لا تكفيها بضع كلمات لوصفها.
المسؤولون؛ عن ماذا مسؤولون؟
وعلى الرغم من غياب كل مقومات الصمود المعيشي والخدمي، إلا أن واقع حال أهالي حلب يقول العكس، فهم صامدون بوجه الموت الذي سعى ويسعى لكسرهم، وقد اندحر حتى الآن، ولكن ماذا عن مقدار صمودهم بوجه تجار الأزمة والمتلاعبين بلقمة عيشهم من تجار وفاسدين بظل غياب دور المسؤولين؟!، الذي بات الأهالي يتساءلون عن ماذا هم مسؤولون فعلاً؟ إلا عن معاناتهم واستمرارها حتى الآن!.