حمص الجريحة

بات من الواضح لمتتبع واقع التسويات في مدينة حمص، أنه كلما تم التقدم باتجاه استكمال عملية تسوية ما في المدينة، يتم افتعال حادث أمني ليعبث بالأوراق ويبعثرها، كي تتم إعادة وضع ورسم الأولويات، وتموضع الفاعلين الظاهرين والمستترين في خنادقهم، وهي ليست المدينة أو المنطقة الوحيدة بذلك.
حيث ما لبث واقع الحديث عن التسوية الخاصة بحي الوعر، والإجراءات العملية والميدانية التي تمخضت عنها، كي تستعيد حمص المدينة استقرارها بشكل كامل، حتى أتى تفجير حي الزهراء وغيره من الحوادث الأمنية الأخرى في المدينة لتعقد المشهد والأجواء.


لعل التسوية بآخر الأحياء التي تشهد توتراً أمنياً في المدينة لم ترق للبعض الذين يريدون إطالة أمد الأزمة، أو من المستفيدين منها، وحلفائهم وأدواتهم من هنا وهناك، حتى بادر على ما يبدو المتضررون من التسوية المنشودة من كل هؤلاء بافتعال تفجير حي الزهراء، وبدأت معه تقاذف المسؤوليات، التي عززت من خلط الأوراق المطلوب من قبل الفاعلين الأساسيين للجريمة، وكي يبقى الواقع الأمني في المدينة كالجمر تحت الرماد بانتظار مثيري الشرر ليثيروا زوبعة النار من جديد.
من الواضح أن هناك خللاً أمنياً استطاع هؤلاء المجرمون النفاذ من خلاله، لكن يجب ألا أن يغيب عن أذهاننا الغايات والأهداف المنشودة من خلف إعادة تفجير الوضع الأمني في المدينة ككل، كما يجب ألا ننزلق إلى متاهات القذف بالمسؤوليات، وننسى أهمية استكمال إجراءات التسويات المطلوبة والتي تصب بالنتيجة بالحلول السياسية العامة المطروحة.
كما أنه من الواضح أن جملة الواقع الأمني المضطرب وانعكاساته العملية لا تصيب بالغالب إلا الأهالي المدنيين، على اختلاف اصطفافاتهم، الذين لا ناقة لهم ولا جمل، وهم من يسعون ويضغطون دائماً باتجاه استكمال إجراءات التسويات، كي يعود كل منهم إلى حياته، بعد أن فاقت معاناتهم وآلامهم المعيشية اليومية أي وصف، بظل النزوح والتشرد والحصار وارتفاع الأسعار والفاقة والعوز والنقص بالخدمات، إضافة إلى المتحكمين بهم من تجار الأزمة الجدد، ليضاف إلى كل هؤلاء المعرقلون للحلول والتسويات والمفجرون للأزمات من جديد.